قال صلى الله عليه وسلم (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم, يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً, أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً, يبيع دينه بعرض من الدنيا) رواه مسلم.
عندما يهل هلال رمضان يحدث تحول في سيرورة الحياة والكون ويتسع الدرب الصاعد للسماء .. الدرب الصاعد نحو الله , وتصعد أعمال ودعوات وأمنيات كثيرة ويتجدد كل شيء متوشحا فيضا من الضياء.
رمضان شهر عبادة ولكنه يعني لنا أيضا أشياء أخرى أشياء حميمة ومختلفة وبه نغير مواقيتنا وساعات النوم واليقظة ومحاولة أن نكون إنسانيين أكثر وفي رمضان نتغير ونتحرر قليلا من كل ما يقيدنا وينزل بنا للطين .
رمضان روضة العام كله به نحط الرحال ونتذكر الغائبين والمفقودين ومن باعدتهم أوطانهم . ونحسن للفقير والغريب ونشاطرهم الموائد والدعوات والعطايا وكأنهم لم يكونوا هنا معنا طوال العام.
كل شيء يتغير فينا وحولنا ويشرق , وتتصاعد البهجة حتى تنفجر وتكتمل بالعيد والله أكبر كبيرا. عندما نتذكر رمضان سنتذكر أنه شكل الكثير من البدايات في حياتنا وتأريخنا وحتى في حياة الأمة عبر تأريخها الطويل , تحولات كثيرة حدثت في رمضان فهل نحدث تحولا في حياتنا هذا العام ؟
ورمضان هذا العام ليس مختلفا ..هو ذات الشهر العظيم وذات الركن الثالث من أركان الأسلام لكن المختلفات كثيرة في حياتنا نحن أبناء هذه الأرض حتى لا نتوسع ونتوه في المختلفات أو المتغيرات.
فعلى حدودنا الجنوبية مجاهدون مرابطون تركوا كل شيء للدفاع عن هذه الأرض وعنا لنحيا آمنين . وفي رمضان حقا علينا أن يعرفوا أنهم في قلوبنا وأننا عندما نقتسم حبة التمر في منازلنا نتذكرهم ونعرف كم هي متضاربة مشاعرهم في هذه اللحظة ولا أعرف حقا ما لذي نستطيع تقديمه لهم عدا الدعاء والشعور بالمشاطرة ولكن أتمنى أن يفعل لهم ولاة الأمر شيئا مختلفا ومستحقا ووحده ولي الأمر القادر على فعل هذا أو التوجيه به.
وقبل ذلك نتذكر الشهداء ونواسي أسرهم ونعرف الغصات التي في حلوقهم و هم يرون ذلك المكان فارغ من الأحب اليهم ..الأحب الذي لقي الله.
وطوبى للشهداء وللمرابطين وسلام عليكم أجمعين.
ولأن كان هناك شهداء ومرابطون نعرف أين هم فهناك شباب حائر ضائع تائه يفتش عن من يأخذ بيده بأبوة حانية ..يأخذه لا ليملي عليه الوصايا ولكن ليستمع له ويسمع منه ويتفهم قلقه وأسئلته وضياعه الكبير في عالم قال عنه نبينا صلى الله عليه وسلم :يمسي الرجل مؤمنا ويصبح كافرا .
لا أحد يريد الكفر ولا المضي إلى الجحيم ولكن الطريق أحيانا لا يكون بذات الوضوح الذي يظنه علمائنا الأفاضل ..الطرقات الآن مشوشة ومتعددة وشبابنا ماض أما نحو التكفير والتطرف وثقافة الموت وإما نحو قلق الشك والبحث والتفتيش عن سكينة يمنحها الإيمان ولم يعد يمنحها بعد أن اختصر البعض الدين من رحمة للعالمين وحوله إلى نار وجحيم ومعادة للحياة والفرح وقتل لكل مشاعر الإنسان كإنسان.
ولأن كنا نناشد ولاة الأمر لمواساة جنودنا وأسر شهدائنا فإننا أيضا نناشد علماءنا أن يتلقفوا هؤلاء الشباب الحائر بأبوة حانية قبل كل شيء وليس عبر المواعظ والترهيب والوعد والوعيد.
يا علماءنا شبابنا يضيع وفي ذمتكم والمسكوت عنه هنا كثير والمساحة لا تتسع.
اللهم قد بلغت.. وكل عام والجميع بخير.
- عمرو العامري