هاني سالم مسهور
لا أجد مبرراً حقيقياً لاهتمام اليمنيين بمؤتمر الكويت في النصف الثاني من أبريل 2015م، فالأهمية لا تكمن في ترتيبات الحل السياسي بل تبقى الأهمية المطلقة عند وقف إطلاق النار عند الساعة الصفر من نهاية اليوم العاشر من شهر أبريل، وقف إطلاق النار بين المتصارعين في اليمن هو الأهم إطلاقاً، وهو الاختبار الأكثر جدية من كل الاختبارات الأخرى، ففرصة السلام باتت هي التي تبحث عن أيادي اليمنيين أن يلتقطوها ويضعوها كحجر زاوية إن هم شاءوا يمناً آمناً مستقراً.
الحالة اليمنية الراهنة خاصة بعد أن أكد المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد (عملياً) الجدية نحو وقف إطلاق النار من خلال اجتماعات اللجان الفنية التي ستوكل إليها مراقبة وقف إطلاق النار في مختلف جبهات المواجهات بين الأطراف اليمنية، وهذه بادرة لافتة وحقيقية تستحق الوقوف عندها لأنّها تؤكد أن اليمن بات حقيقة قريباً جداً من الوصول إلى إنهاء الحرب وفقاً للمرجعيات الدولية.
وحيث تحتمل المواقف الأخيرة ميدانياً أهميتها بعد تقدم القوات الموالية للشرعية في صرواح مركز محافظة مأرب، مما يعني الاقتراب أكثر من العاصمة صنعاء، ومع إدراكنا أن الانقلابيين أصبحوا أكثر اقتناعاً بعدم قدرتهم على مواصلة المغامرة التي فعلياً انهزمت بعد أن أكد ولي ولي العهد الأمير محمد سلمان أن وفداً حوثياً في الرياض، وهو ما يؤشر إلى أن الحوثيين لم يعد لديهم القدرة لمواصلة الحرب.
بعد عام ونصف من الانقلاب، وبعد الإفرازات الكبيرة التي أفرزتها «عاصفة الحزم»، هنالك ثمة معطيات مهمة تتمثل في أن أطراف النزاع اليمنية وصلت جميعها دون استثناء إلى نهاية ما يمكنها من طاقة في مواجهة انطلقت فعلياً في فبراير 2011م، عندما دخلت أجنحة الصراع اليمني في مواجهات مفتوحة تطورت حتى بلغت في 21 سبتمبر 2014م إلى انقلاب ضد الشرعية الدستورية، مما أوقع التصادم بين هذه الأطراف حتى وصلت إلى التوافق على إطلاق المشاورات السياسية في الكويت 18 أبريل 2016م.
يبدو أن السؤال الأكثر إلحاحاً.. هل يمكن للهدنة أن تصمد؟؟، والأهم من صمود الهدنة مدى قناعة الأطراف اليمنية بأن تنخرط في عملية سياسية انتقالية تنهي واحداً من أكثر الصراعات العنيفة التي عرفتها اليمن خلال القرن الأخير، وفي واحدة من المقاربات الممكنة حول إمكانية صمود الهدنة يبقى في قدرة القوى الدولية خصوصاً الولايات المتحدة وروسيا على الضغط لاستمرار الهدنة كما فعلت هذه القوى الدولية في الهدنة السورية، مما أدَّى إلى صمودها وجعل من المفاوضات السياسية رغم تعثرها مجالاً يمكن أن يؤدي إلى حل سياسي.
الأطراف اليمنية التي لا بُدَّ وأن تعي أن الاستحقاق السياسي لا يقبل باستعادة مسببات الفوضى التي أوصلت اليمن إلى انسداد أفق سياسي أدَّى بطبيعة الحال إلى احتراب بين هذه الأطراف المتشددة في نزاعها القابض على ما يمكن له في سلطة الحكم، وهذه الأطراف اليمنية وهي تذهب إلى الكويت يجب أن تراعي مرجعيات أساسية تتمثل في الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي بما فيها القرار رقم 2216.
من المؤكد أن أكثر الأطراف رغبةً في إيقاف الحرب والوصول إلى حل سياسي هم جيران اليمن الذين خاضوا من أجله حرباً قدموا فيها أرواح أبنائهم ثمناً لاستعادة اليمن من الاختطاف، وتأتي تصريحات ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وكذلك وزير الخارجية عادل الجبير اللذين أكدا على اقتراب الأطراف اليمنية من حل سياسي يخرج اليمن من أزمته، هذا الحرص من السعودية يعزز رغبة الشعب اليمني في أن تواصل الرياض دعمها للمسار السياسي كما فعلت في المبادرة الخليجية عام 2011م، وأن تستفيد من علاقتها بأطراف النزاع اليمنية، هذه الرغبة في أن تمارس الرياض ضغوطها على اليمنيين دون أن تعود هذه الأطراف للاحتماء خلف المبعوث الأممي كما فعلت إبان فترة المبعوث السابق جمال بن عمر مما أدَّى لاحقاً لتفجر الأوضاع ووصولها إلى انقلاب كامل على الشرعية السياسية.
فرصة السلام في اليمن باتت ممكنة، ويمكن العمل على إنضاجها والتعامل معها بقدر من الحزم لعدم تفويتها، فالشعب اليمني وجد نفسه يعيش صراعاً دامياً فعاش التشرد والقتل والتهجير القسري بسبب عدم احترام الأطراف السياسية لالتزاماتها وما تعهدت به، لذا فالشعب هو الذي يجب أن يمارس ما يمكنه على كل الأطراف حتى تتوصل لصيغة تفي بإحلال السلام مكان الاحتراب.