الثقافية – محمد المرزوقي:
ظواهر «ثقافية» تشهدها شبكات التواصل الاجتماعي، منشأها حالة من «التلقي» للنصوص الشعرية، الفصيح منها، والشعبي، إلا أن (بيت القصيدة) تحول إلى ما يمكن وصفه بـ «المنودراما الشعرية» وفق رؤية ثقافية نقلت حالة التلقي من دوائر الفهم ومن ثم التأويل، إلى كوميديا ساخرة، ومشاهد درامية أنتجتها جمهرة المتلقين!
لم يعد التفاعل مع النصوص، من خلال المفردة.. الرمز.. وإرفاق الصورة.. أو الرسالة الصوتية.. أو نشر النص من خلال إحدى وسائل التواصل الاجتماعي.. كالواتس أب، وتويتر.. برؤى المتلقين، إذ أصبح النص في نمو متواصل عبر شبكات التواصل المختلفة، التي تعبر عن حالة من القبول، يجسدها حجم التفاعل عبر الأرقام، التي تحملين بعدين دلاليين، أولهما: كم المرسلين للنص، والآخر في عدد المشاهدين الذين تفاعلوا معه بين سلب أو إيجاب.
بيت الشاعر جهز الشلاحي:
البارحة قلبي من الهم ما بات
هم يجي والهم الآخر يروحي
تداولته الشبكات الاجتماعية، عبر اليوتيوب تحديدا، بمزيد من التنافس الدرامي، والابتكار الساخر، لترجمة الحالة النفسية، ونقل حالة من (المعاني/المعاناة) إلى (التلقي/المنودرامي) لنقل الحالة الشعرية إلى عشرات الحالات الإخراجية، التي اختلف في طرق العرض.. وتباينت في الأساليب.. والتقت في إنتاج درامي، ، أولى أدواته السخرية، الابتكار، المبالغة، الخروج عن المألوف، التنافسية في إعادة «إنتاج» المعنى، بالمقارنة مع منتجين جماهيريين آخرين للبيت نفسه.
لقد تحولت النصوص الشعرية عبر شبكات التواصل، إلى نصوص مفتوحة، وحالة من التأويل لا حدود لها، التي اتخذت من «شر البلية ما أضحك» منطلقا لتمثل المعاني (الشبكية) التي تعد ظواهر (تلق) وتشكيل لـ(رجع الصدى) بالصورة، الصوت والصورة، وبإنتاج المشاهد الدرامية، فبينما يظهر أحدهم متمثلا معنى البيت، متمللا على فراش تجره سيارته عبر الرمال، بعد أن أطلق لها عنان السير! فضل آخر أن يغتسل من همومه، بتحويل صندوق السيارة إلى مسبح، تاركا سيارته تطوف به الصحراء!
أما متلق ثالث، فوصل به الحال إلى الإبحار مع همومه في قارب عبر الرمال! و(مخفف) عن قلبه المعاناة، فضل أن تتجول به حراثته، «متأرجحا» بهمومه، بعد أن علق بغرافها (أرجوحة) وتركها تطوف به البسيطة!
لقد وقف إلى جانب تلك الدرامى، تفاعلية تنافست تفاعليا عبر موجة تلق شبكي ساخرة، تحولت معها النصوص، إلى مشاهد كوميدية مفتوحة على (إنتاج) المعاني، متخذة من إتقان العديد من الأدوار الصعبة، أداة فاعلة لجمع المتناقضات، التي استقطبت عشرات الآلاف من المشاهدين، في تضاد يتخذ من تجهيزات الأدوات، وحركية الأدوار، وما يعرف – أيضا - بـ(اقتصاديات) الإنتاج، ما يمكن وصفه، بالتلقي الدرامي للنصوص الشعرية في شبكات التواصل الاجتماعي.