حوار - حبيب الشمري:
يتذكر فهد العيسى الدحيم - أحد أقدم العاملين في وكالة الأنباء السعودية - تاريخ التحاقه فيها عام 1390هـ، بعد أن تلقى برقية من وزير الإعلام الراحل الدكتور إبراهيم العنقري فيقول: توقعت أنّي ارتكبت خطأً ما، حيث كنت صحافيا ضمن أعمال لجنة تقريب النظر بين الأشقاء في دول الخليج العربية، لكن ما حصل أن العنقري فاجأني وقال «نريدك متعاوناً في الوكالة».
أخذ نفساً عميقاً، وكأنه يعد السنوات.. وقال: وجهني العنقري - رحمه الله - بمقابلة عبدالله أبوالسمح أول مدير عام للوكالة بالنيابة، ومباشرة العمل متعاوناً مقابل راتب 1000 ريال، على أن أرسل الأخبار إلى عبدالوهاب كاشف الذي كان مديراً لمكتب الوزير، حيث نقرأ عليه الأخبار بالهاتف.
وقال العيسى في حوار مع «الجزيرة»: أتذكر أول تغطية صحفية كانت في حج عام 1390هـ، حيث كلفت مع زميلين آخرين هما: عبدالمجيد دزيري، وعلي عمر جابر، للذهاب إلى المشاعر المقدسة، حيث كنا نجري اتصالات هاتفية بالإذاعة عن طريق عبدالوهاب كاشف، حيث كانت الأخبار تبث إلى الإذاعة مباشرة، مبينا أن الحصول على فرصة التحدث بالهاتف فرصة نادرة، وربما لا تتم إلا عن طريق العلاقات الشخصية أو الصداقة. عن أبرز المواقف يقول العيسى، كان الملك فهد - رحمه الله - (الأمير آنذاك)، في وزارة الداخلية، وعندما ندخل عليه في الوزارة، يمازحنا ويقول لمن حوله «انتبهوا جاء العيسى ..»، حرصاً على عدم تسرب أخبار غير صحيحة، لكنه قال: كان من أكبر الداعمين لنا، ويوجه دائما بتسهيل عملنا، ونقول الأخبار التي تهم الناس وتمس حياتهم. في موقف آخر يقول العيسى: سافرت مع بعض الزملاء إلى مصر في السابع والعشرين من رمضان، ويوم العيد ذهبت للبحث عن مسجد لصلاة العيد، وأخذت وقتاً للوصول إليه، وعند الدخول رأيت حرساً من العسكر الذين اشتبهوا بشخصيتي، وعرفوا أني سعودي من خلال الجواز، وعندما علم الرئيس جمال عبد الناصر حيّاني، فقال: أهلاً بالصحفي السعودي، ثم طلب مني التوجه معهم إلى افتتاح مشروع في المسجد، على الرغم من أني قدمت بالصدفة، ثم وجّه بتوفير سيارة لي وسكن في الفندق، لكني طلبت العودة إلى زملائي.
من المواقف الأخرى التي يرويها العيسى، أنه اتصل بوزير المعارف الراحل الدكتور عبد العزيز الخويطر، بعد انتشار تساؤلات عن بداية اليوم الدراسي خلال صلاة استسقاء، وعندما اتصلت عليه، قال (الخويطر): نعم الدراسة ستؤخر إلى الساعة 10 صباحاً لإتاحة الفرصة للطلاب للصلاة، بعثت الخبر إلى الإذاعة، لكنه طلب عدم نسبة التصريح له، فسمع الملك خالد الخبر، فاتصل بوزير الإعلام يسأل عن مصدر الخبر، ويتساءل: كيف يؤخر دراسة الطلاب دون الطالبات؟
قبل أن أختم حواري معه قال: أنتم محظوظون يا إعلاميي اليوم .. كل شيء متاح لكم .. هذا المبنى العملاق، يحفز على العمل، وجميع وسائل الاتصالات والنقل متاحة أيضا.. كنا نحفر في الصخر، ونسير على أقدامنا .. ونمضي الساعات في البحث عن الخبر.