جواندونج - «الجزيرة»:
حظيت زيارة هوانج كيو وان, رئيس وزراء كوريا الجنوبية إلى المملكة باهتمام مختلف الأوساط الكورية. وذكرت وسائل الإعلام أن تلك الزيارة تأتي في إطار تحركات واستراتيجيات تعكس حرص المسئولين في كوريا الجنوبية على تعزيز العلاقات الثنائية مع المملكة في مختلف الميادين. وأشار محللون كوريون إلى أن أحد أولويات الزيارة هي ضمان مشاركة شركات كوريا الجنوبية في مشروعات رؤية 2030 وما يتعلق بها من مجالات في إطار مساعي المملكة لتقليص اعتمادها على النفط وتطويرها لصناعات وقطاعات جديدة.
ووذكرت وسائل الإعلام أن هذه الزيارة تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية بين البلدين تقدما ملموسا على مختلف الأصعدة, حيث نقلت التصريحات التي أوردتها وكالة الأنباء السعودية لوزير الخارجية عادل الجبير عقب لقائه مع رئيس وزراء كوريا الجنوبية, والتي أشاد فيها بالعلاقات المتميزة بين البلدين والتي تأسست عام 1962م، لافتا إلى الروابط الاقتصادية والاستثمارية، حيث تعد كوريا من أكبر الشركاء التجاريين المستثمرين في المملكة، في الوقت الذي تمتلك فيه المملكة استثمارات ضخمة في كوريا، مشيرا إلى أن البلدين يعملان على تطوير هذه العلاقات المميزة ورفعها إلى أفق أفضل.
وقد شهدت السنوات القليلة الماضية عدة تطورات نوعية ومنعطفات إيجابية مهمة في مسار العلاقات الثنائية, من بينها توقيع وزير الإسكان ماجد بن عبد الله الحقيل، قبل شهرين في عاصمة كوريا الجنوبية سيؤول، مذكرة تفاهم بين وزاة الإسكان السعودية ووزارة الأراضي والنقل والبنية التحتية في كوريا الجنوبية بناء على الموافقة التي صدرت من مجلس الوزارة إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين ، وسمو ولي ولي عهده - حفظهم الله ورعاهم - بتسريع ملف الإسكان من خلال الاستفادة من التجارب الدولية.
وكانت التجربة الكورية محط أنظار المراقبين في مجال الإسكان حيث استطاعت تقديم حلول عملية لتشجيع مشاركة القطاع الخاص وجذب الإستثمارات المتعددة لهذا القطاع. وشملت مذكرة التفاهم كافة جوانب عملية صناعة الإسكان، بما في ذلك تبادل الخبرات, آليات تشجيع الإسثتمار في قطاع الإسكان, تنظيم ورش عمل مشتركة, تبادل الزيارات بين المختصين من البلدين، إقامة المؤتمرات والندوات بما يساعد وزارة الإسكان على إحداث نقلة نوعية في تقديم منتجات سكنية رفيعة المستوى. وعقب اتفاقية التعاون بين البلدين تم توقيع مذكرة تفاهم أخرى بين وزارة الإسكان وبين تحالف كوري سعودي لتطوير مائة ألف وحدة سكنية في العشر سنوات القادمة في شمال مدينة الرياض، ويتكون التحالف من ثلاث شركات، شركتان كوريتان هما شركتي « دايو « و»هانوا»، وشركة سعودية هي شركة عبر المملكة سبك. ويشمل المشروع أيضا إقامة مجمعات تجارية ضخمة وحدائق ومتنزهات ومرافق حكومية ذات خدمات متميزة. واهتمت وسائل الإعلام بكوريا الجنوبية بالزيارة التي قام الامير الوليد بن طلال إلى سيوؤل الأسبوع الماضي والتي التقى فيها مع رئيس الوزراء هوانج كيو آن وعدد من رؤساء الشركات والمؤسسات الاستثمارية والمالية الكورية وناقش خلالها مع مسئولين كوريين مشروع جدة الذي يشمل بناء مدينة جديدة بمساحة تبلغ 3 أضاف مساحة دبي. وتشارك شركة سون كوير الكورية في مشروع جدة بعد توقيع مذكرة تفاهم للعمل في مجالات التعليم والصحة داخل المدينة الجديدة عبر ائتلاف مع شركات صينية. وأشارت إلى أن الامير الوليد قام باستثمار ما يعادل 250 مليون دولار في شركتي دايوو وهيونداي للسيارات عندما تعرضت كوريا الجنوبية لأزمة النقد الاجنبي عام 1998 مما ساهم في تدفق الاستثمار الاجنبي الى كوريا الجنوبية. وأن الحكومة الكورية قامت بمنح وسام الدبلوماسية « هونج -إن « للأمير الوليد تقديرا لمساهمته النبيلة. ويشدد الخبراء الدبلوماسيون الكوريون من جانبهم على أهمية تدعيم العلاقات مع المملكة، حيث يقول البروفيسور (إن نام سيك) بالأكاديمية الوطنية الدبلوماسية الكورية: ينبغي أن نهتم بعلاقاتنا طويلة الأمد مع المملكة العربية السعودية، مشيدا بمثل تلك الزيارات والتحركات التي يقوم بها مسئولون كوريون لتدعيم الروابط الثنائية. وذكر المحلل السياسي الكوري باي هون جونج في مقالة نشرتها مؤخرا جريدة (كوريا هيرالد) أهمية العمل على توطيد العلاقاتالثنائية, وذلك من منطلق المكانة التي تحتلها المملكة على خارطة الاقتصاد العالمي, لافتا إلى أنه وعلى مدى سنوات طويلة ظلت السعودية وبدون منافس هي أكبر مصدر للنفط بالنسبة لكوريا الجنوبية، حيث ظلت مسئولة عن حوالي 30% من إجمالي واردات النفط الكورية، فضلا عن كون السعودية منأهم الأسواق للمنتجات الكورية ولاسيما في مجال الإنشاءات. وذكرت بارك ون جون, استاذة العلاقات الدولية في جامعة هاندونج الكورية بأن زيارة رئيس الوزراء الكوري إلى المملكة من شأنها تدعيم العلاقات في مختلف الميادين والمجالات الاقتصادية وعلى رأسها المجالات الجديدة مثل الصحة والطب بالإضافة إلى التعاون القائم بين البلدين في مجالات الإنشاء وبناء المصانع. مؤكدة أن استراتيجيات وتوجهات الحكومة الكورية لتعميق علاقاتها مع المملكة بمثابة التحرك في المسار الصحيح. وكانت وزارة خارجية كوريا الجنوبية قد أعلنت أن الجهات المعنية تدرس حاليا مقترحات بشأن إطلاق اسم العاصمة السعودية الرياض على أحد أهم الشوارع في العاصمة الكورية سيوؤل, وأن تلك ستكون هي السابقة الأولى من نوعها نظرا لعدم وجود شوارع أو معالم كورية تحمل أسماء سعودية في الوقت الراهن. وأشار مسئول بوزارة الخارجية الكورية إلى أن مشروع إطلاق اسم الرياض على أحد شوارع عاصمة بلاده يأتي تأكيدا لعمق ومتانة العلاقات بين الطرفين وتعبيرا عن مدى ثقة الكوريين في التطورات النوعية والإيجابية التي سيشهدها مستقبل العلاقات بين الطرفين.