محمد الخنيفر
بالإشارة إلى زاوية الأسبوع الماضي حول قرض العشرة مليار دولار الذي أفادت التقارير الإعلامية أن السعودية نجحت في اقتراضه بتكلفه تمويلية اكثر من رائعة في ظل الظروف الحالية، فعلينا أن ندرك:
1) أن السعودية تمكنت من الاقتراض بسعر رخيص مقارنة بالتسعير الذي حصلت عليه قطر (110 نقطة أساس)، وذلك بحسب مجلة جلوبال كابيتال البريطانية. مع العلم أن قطر تتجاوزنا بارتفاع تصنيفها الائتماني عنا.
2) اذا استثنينا المصاريف (من أجل عمل مقارنة)، تم تسعير هامش القرض السعودي بـ 105 نقطة أساس. وعند مقارنة ذلك بعقود مقايضة الائتمان (CDS) السعودية سواء ذات أجل 3 او 5 سنوات، سنجد أنها تتجاوز هامش القرض الحالي بمراحل (وكمثال على ذلك، قبل أيام وصل هامش مقايضة المخاطر الائتمانية لخمس سنوات إلى 155 نقطة أساس) وبذلك، بحسب المستثمرين، تتعدى مخاطر عدم السداد لنا تايلندا والفلبين.
3) ليس كل قرض دولي يتم تسعيره كما يجري عندنا بالسوق المحلي بمعنى أن معدل الفائدة يرتبط بالسايبور (او ليبور) بحيث قد تزداد او تنخفض الدفعات الدورية مع كل إعادة تقييم (resetting) دورية.
4) عندما تكون آجال القروض او السندات الدولارية ما بين سنتين فأكثر، فإنه يتم الاستعانة بمؤشر (reference rate) للمساعدة في الحصول على التسعير النهائي قبل وضع الـ (spread)، فعلى سبيل المثال قد نقول إنه تم تسعير سندات بـ 2.55 نقطة أساس فوق فائدة سندات الخزانة الأمريكية او فوق متوسط سعر المبادلة (Mid-Swap).
5) وعليه فبحسب ما توفر من معلومات أولية نبني عليه تحليلنا، فقرض السعودية كان يرتكز على تسعير سندات الخزانة الأمريكية (أجل 3 سنوات) وبسبب ذلك ذكرنا أن المملكة نجحت في إغلاق (lock in) نسبة العائد الثابت (وليس المتغير (floating rate)) الذي ستدفعه على مدى الثلاث سنوات. ويبدوا لي والله أعلم أن الطرف المفاوض لنا قد أراد بذلك أن «يغلق على» العائد الحالي المتوافق مع التصنيف الائتماني للمملكة. وكأنه بذلك يقول إنه اذا تحسنت اسعار النفط بعد 3 سنوات فالسعودية تستطيع تسديد الدين بأريحية تامة. أما اذا استمرت أسعار النفط بالتدهور، فهذا معناه أن تصنيف المملكة سيستمر بالنزول وهذا يعني أن تكلفة الاقتراض سترتفع لتتماشى مع التصنيف الائتماني المنحدر.
6) لو لا قدر الله ساءت الظروف وتدهور تصنيفنا الائتماني عما كان عليه قبل أسبوعين، فالسعودية ستظل هي الرابحة لأنها ثبتت العائد الذي تدفعه (بمعنى أن السعودية لو أرادت أن تقترض في 2019م، فستضطر لدفع عائد أعلى مما كانت ستدفعه قبل أسبوعين وذلك لتعويض المستثمرين عن مخاطر عدم السداد والتي تجلت بانخفاض التصنيف الائتماني). دعونا لا نذهب بعيدا، قبل أيام بسيطة قامت وكالة موديز بتخفيض تصنيف المملكة درجة واحدة. يعني لو اقترضت السعودية هذا الأسبوع لكانت قد دفعت هامش أعلى مقارنة مما قد دفعته قبل أسبوعين.
خاتمة
- لو أن السعودية كانت ترى أن العائد على هذا القرض مُكلف على خزانة الدولة لاستطاعت بكل بساطة إيقافه. فهناك دول أوقفت إصدارات سنداتها ووضعتها على الرف بسبب مبالغة المستثمرين في المطالبة بعائد أعلى مما كانت تتوقعه الحكومة. لا يجب علينا أن نقلل من مهارة الجانب التفاوضي للمملكة بخصوص حصولها على هذا التسعير الاستثنائي.
- مجلة جلوبال كابيتال البريطانية نفسها استشهدت بتصريح لأحد المصرفيين العاملين بلندن وأنا أنقله لكم نصاً كما هو: «لقد حصل السعوديون على أموال رخيصة لثلاث سنوات. وهم يستطيعون تسديده بعد 3 سنوات وإذا لم يرغبوا بذلك فإن البنوك ستنتفع من آخر سنتين».
خلفية
أجل القرض الحديث للمملكة هو خمس سنوات ولكن تم تسعيره على اعتبار أن مدة القرض هي 3 سنوات. وللاستزادة اكثر حول هيكلة القرض وإستراتيجية التفاوض التي انتهجتها المملكة مع البنوك الدولية، بإمكان القراء الرجوع لزاوية الأسبوع الماضي المعنونة بـ»الحنكة السعودية تنجح في اقتناص قرض دولاري بتكلفة تمويلية استثنائية».