د. عبدالواحد الحميد
لا يمكن تصور وجود قطاع سياحي نَشِط وجاذب إلا بتوفر خدمات ضيافة ملائمة وفنادق جيدة وبأسعار معقولة، وهذا ما تفتقر إليه معظم المناطق السياحية في بلادنا، فعندما يتوفر السكن المناسب تكون أسعاره مرتفعة سواء الفنادق أو الشقق المفروشة، وأحياناً لا يتوفر ذلك بأي ثمن! ومن تجارب الكثيرين، هناك من يرى أن تكاليف السياحة في الخارج أقل من الداخل بسبب ارتفاع الأسعار محلياً، لكن ذلك بطبيعة الحال يعتمد على المكان والزمان وعلى الخدمات التي يحصل عليها المستأجر.
وقد صرح مؤخراً نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الدكتور صلاح البخيت الطالب بأن شركات عالمية شهيرة سوف تدخل السوق السعودية وستقوم بتشغيل خمس وسبعين فندقاً خلال السنوات الأربع القادمة، وهذه الفنادق مصنفة أربعة وثلاثة نجوم وبمستويات متنوعة تقدم خيارات عديدة للسائح والزائر. وقال إن هذا سوف «يدعم السوق السياحي، ويطور صناعة الضيافة بشكل كبير، ويزيد من جاذبيته وتنافسيته إقليمياً وعالمياً».
هذه الخطوة جيدة، وخاصة إذا كان الانتشار الفندقي سيشمل أيضا المناطق السياحية خارج المدن الكبرى، بالرغم من أن الحاجة قد تفوق هذا العدد وذلك في ظل الخطط والاستراتيجيات السياحية التي وضعتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وما يتطلع إليه المواطن، وكذلك الدور المأمول لقطاع السياحة في توسيع القاعدة الاقتصادية وإسهامها في اقتصادنا الوطني وتوظيف المواطنين خلال المرحلة المقبلة.
وبحسب تقديرات مركز الأبحاث والمعلومات السياحية «ماس» التابع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، فإن حجم الإنفاق في الرحلات السياحية المغادرة إلى الخارج (أي إنفاق سكان السعودية في الخارج) بلغ أكثر من 96 مليار ريال في عام 2015 بزيادة قدرها 39 بالمائة عن عام 2014. ولنا أن نتخيل المكاسب الاقتصادية التي يمكن أن تتحقق لو توفرت مقومات السياحة المحلية الجاذبة ووفرنا جزءاً من هذا النزيف المالي وحولناه إلى شرايين اقتصادنا الوطني.
ومن المؤكد أن السياحة ليست فنادق وخدمات ضيافة فقط، وإنما هي منظومة متكاملة من الخدمات، وفي مقدمتها برامج الترفيه التي ستتاح للسائح والزائر، ولذلك يتشوق المواطن إلى معرفة ماذا ستقدم «الهيئة العامة للترفية» في هذا المجال وأن تتضافر جهودها مع جهود الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لتحقيق حلمه في الاستمتاع بسياحة داخلية لا تشوبها المنغصات التي حدَّت من تطوير هذا القطاع إلى الآفاق الممكنة.