علي الخزيم
من الواضح أن جل العمالة المتدنية في بلادنا سادرة في غيها لا تلتفت إلى أي نظام أو قانون يحدد السلوك البشري والتعامل مع الغير، ويبدو أن التنافس بين شرائح هذه العمالة ينشط لجمع المال بأي طريقة كانت خارج أُطر الأنظمة، وكأنهم لا يدركون أن في الكون ما يُسَمّى النظام والقانون، يعيشون يومهم بأقل قدر من النوم خشية ان يُفْلِت منهم ريال واحد مما أفقدهم مزيداً من الصواب والتركيز، وقاعدتهم التي يُعَلّمُونها لبعضهم (فيه نوم فيه خسارة)! وأثناء هذا الدرس الهام في ثقافتهم (التَّنفّعية) غير الشرعية؛ يتدارسون ملامح من ثقافاتنا كشعب مُضيف لهم ويحتويهم إلى حد السّذاجة أحياناً.
نعم البعض كذلك؛ فحينما تُمْعِن العمالة بالإساءة لنا ترى هذا البعض (الطيب) يجتهد لابتكار الجديد لتكريمهم والاهتمام بهم من مُنطلق انساني إسلامي، فجزاهم الله خيراً لقاء نواياهم الحسنة، غير أن هذه النوايا يُمكن أن تتجه للأعمال الخيرية بطرق مدروسة لتشمل المُسْتَحق لها بالتحديد بناء على معايير تُصَنّف المحتاج من غيره، فحُسْن النية تجاههم يقابلونها بنوايا سيئة للغاية يتتبعون بها سلوكياتنا لا سيما المُرتبطة بالموروث الثقافي والعادات والتقاليد ونحوها، مثال ذلك ضبط حالات متعددة وفي أماكن مختلفة بمدن ومحافظات متباعدة لعمالة تجمع البول الآدمي بعبوات (يقال) انهم يبيعونها على أنها أبوال إبل، أو أنهم يخلطونها بالخمور المغشوشة المسمومة التي يعملون بكل جهدهم لتصنيعها بخرائب ووديان وأحراش موبوءة، ويُروى أنهم ربما يستخدمونها بخلطات الأعشاب والزيوت ونحوها مما لا يمكن أن نتوقعه إذ إننا نتعامل معهم بالنوايا الحسنة بينما هم يُوغِلون بالإجرام إلى حد لا يُمْكِنك تخيّله وأنت تبحث لهم عن طرق جديدة لرعايتهم والعطف عليهم، وكل مثال سَيَرِد بين هذه السطور هو جديد طازج، ويأتي امتداداً لأمثلة ووقائع سابقة تَحَدّث عنها أكثر من منبر إعلامي وقلم غيور.
ومن الجديد ما ضبطته بلدية الشوقية الفرعية بمكة المكرمة مؤخراً من أبوال، وأغنام نافقة مُعَدّة للتوزيع للاستهلاك الآدمي، وأمانة جدة تحبط توزيع10 أطنان من الأرز الفاسد على أيدي عمالة مفسدة، كما تم بمواقع مختلفة ضبط عشرات الآلاف من عبوات الشامبو منتهية الصلاحية، والمنظفات، والمعقمات والصوابين المغشوشة المقلدة، وأطنان من الأغذية غير الصالحة للاستهلاك، تقوم عصابات العمالة المفسدة بتعديل تواريخها أو يعاد تغليفها بأغلفة تنتجها مصانع متعاونة معهم، هذه عينات من عناوين أخبار في أيام متقاربة، فكيف لو أحصى متخصص جملة من الحالات في شهر مثلاً بعدد من المحافظات وأضاف إليها حالات غش وسرقات وجرائم مختلفة على مدى عام، لنستشعر معها حجم المخاطر الأخلاقية والصحية والاقتصادية والأمنية وبقية المساوئ الناتجة عنها، ولم تُبين المصادر حجم العقوبات وتصنيفها حسب وقائع الجرائم، وماذا يتم بشأن أولئك المجرمين؟
لو تم ترحيل كل من يُضبط بهذه الجرائم فسيُقَلّص عدد مجرمي العمالة الرديئة وسيكون حافزاً لمن لم يقع بَعْدُ بالجرم لتَوخّي الحذر والبعد عنها، (نظفوا البلاد من فوائض الحثالات).