تقرير - خالد الربيعان:
«ماذا يحدث للنادي» تُقال منذ أكثر من 10 سنوات.. وحتى الآن لا أحد يعرف ماذا يحدث!
«يجب الفصل بين إدارة النادي كمؤسسة، وإدارته الفنية».
دخلنا عصر التسويق والاستثمار الرياضي، ومازالت الأندية السعودية تعتمد على أموال مالكيها ورئاستها وأعضاء الشرف فيها فقط بشكل أساسي!
«صلة السعودية» تعاقدت مع الأهلي المصري بـ 125 مليون ريال، وتعاقدت مع أكبر نادى آسيوي «الهلال» بـ 80 مليون ونتقاسم الزيادة!
«التقرير المالي الأخير للهلال الصادر عن الجمعية العمومية أقر بوجود عجز بميزانية الزعيم: 48 مليون ريال!
«الطريقة» «الأبوية» التي تستلزم وجود «ولي» يتولى كل شيء! مرهقة للنادي ولاعبيه وجماهيره.. ورئيسه!
«الحل هو إنشاء إدارة تسويق واستثمار رياضي يقوم عليها خبراء محترفون وذوو كفاءات، للالتفات لموارد هذا الكيان الكبير، والمهدرة بلا طائل!
إذا تكلمنا عن الهلال وحاله سيكون كلامنا عبارة عن مباراة بين علامات الاستفهام وعلامات التعجب! ،مبدأياً يمكن لأي شخص كتابة جملة «ماذا يحدث في الهلال» في مربع البحث على الإنترنت، سيجد أرشيفاً مطولاً! فبتاريخ 2004 ستجد نفس العبارة، وهناك من يتحدث عن معاناة الرئيس وقتها، ويتحدث عن معاناة الأمير سعود بن تركي في رئاسة الهلال قبلها! وعن احتياج الفريق لـ 60 مليون ريال لشراء اللاعبين والنهوض مرة أخرى!
بتاريخ 2012 ستجد نفس العنوان ومعاناة الفريق مع المدربين دول وهاشيك، وعن الترحم على أيام سامي الجابر وبويان! في 2013 نفس العنوان وإقالة الفرنسي كومباريه ومعاناة الرئيس وقتها «الأمير عبد الرحمن بن مساعد»!
في 2014 العنوان نصاً «ماذا يحدث في الهلال» والكلام من الوسط الإعلامي عن إدارة تتخبط والانشقاق بين أولياء الأمر عند اتخاذ القرار!
والآن نحن على نفس الحال من الخذلان لجماهير أكبر نادى آسيوي وصاحب الأرقام القياسية في كل بطولة لعبت على أرض المملكة! خسارة بطولتين في 5 أيام، واستقالة رئيسه نواف بن سعد، وغضب عارم من الجماهير العريضة التى لا تملك التغيير بالطبع، فقط هي تتابع وتتألم من بعيد!
في فترة التخبط تلك وان طالت بالسنين، الذي يقترب ويرى بدقة سيجد أن مشاكل الهلال تتلخص في عدة نقاط، أهمها في رأيي الشخصي «الخلط بين الإدارتين، إدارة النادي كمؤسسة، وإدارة الفريق الفنية»! الأمور تتداخل بشكل غريب، وأنا أرى بشكل كبير للغاية أنه لا يوجد مدرب جاء للهلال إلا وهو يعمل تحت ضغط واضح من الرئاسة، مما يتدخل في قراراته الفنية على أرض الملعب، في نفس الوقت الرئاسة معذورة في ذلك لأنها من تتحمل في نهاية الأمر كل شيء!
الرئيس الهلالي المسكين يجلس على الدكة بجانب المدير الفني ويتمني لو أدار هو الفريق، والمدير الفني الأجنبي لا دافع حقيقي له ، فالرجل مجرد موظف، يستلم راتبه شهرياً ويتمتع بامتيازات المنصب، المدير الأجنبي ليس هلالياً ولا يحترق قلبه من الداخل على ناديه كأي مشجع صغير السن في المدرجات!
في 2016 الأندية العالمية وأيضاً العربية أخيراً أدخلت نفسها في عصر التسويق والاستثمار الرياضي، وهذا معناه بمنتهى البساطة استغلال موارد النادي المختلفة ومنشآته، للحصول على مداخيل وأرباح تعمل عملها في النادي، وتجنبه كما نرى المشاكل المادية المتلاحقة، لا يوجد في الدنيا فريق يعتمد على أموال مالكيه ورئاسته وأعضاء الشرف فيه فقط بشكل أساسي، إلا وكان حاله مثل حال الهلال الآن، فترات صغيرة من الفوز والمستوى الجيد على السطح، ثم يتفاجأ الجميع ويفجع الجمهور بأساس المشكلة لأنها تدخل في عصب النادي وعموده الفقري: الديون والماديات وفقر الإمكانيات!
كيف يكون النادي الأول في المملكة والنادي الأكثر جماهيرية, والأكثر فوزاً بالبطولات القارية : مديون ؟! كيف ذلك ؟! هناك مشكلة كبيرة جداً ويجب حلها لأن الوضع بهذه الطريقة وضع مأسوي!
أين الرعاة الكبار لهذا الفريق! أين الملايين التي لا تأتي إلا ويتم هدرها بسبب الفشل التسويقي والاقتصادي الكبير؟! كيف تمتلك شركة واحدة - مهما كانت كبيرة- حقوق النادي التجارية! وأين إدارة التسويق بالنادي التي تتولى هي تسويق حقوق ناديها؟!
- هناك فرحة وافتخار بمبلغ (80 مليون ريال والزيادة بالقسمة) هي قيمة عقد صلة للتسويق الرياضي مع الهلال! هذا الرقم - ليس في رأيي فقط ولكن في عرف كرة القدم- ليس له أي معنى وليس مدعاة للفخر! بل هو مدعاة للخجل والعار!! بالنسبة لقيمة فريق ونادي مثل الهلال الزعيم الآسيوي الكبير!!
ولأجل الناس التي تقول فلنتكلم بلا انفعالات و بموضوعية أقول لهم فلنترك الكلام ولنعقد مقارنات والأرقام التي تتكلم! سأقول مثالاً لنادي أكبر من الهلال في كل شيء! وهو نادي مانشستر يونايتد، هذا النادي هو أغنى نادي في العالم ومن التسويق الرياضي وليس من أي شئ آخر!
رغم مستواه المتذبذب وفشله الذريع هذا الموسم وكلنا نرى، فإن هذا النادي هو الأول عالمياً من حيث عقود الرعاية! ومداخيله منها بأخر تقرير رسمي نشرته الصحف الإنجليزية 151 مليون دولار!! وله 70 راعياً وشريكاً! مرة أخرى 70!!
هذا عن السقف العالمي وما قد تجلبه الرعاية والتسويق الرياضي! أما عن مثال قريب من الهلال فهناك الأهلي المصري! ورغم حالة عدم الاستقرار التي تعيشها الكرة هناك على مدى 5 سنوات، فهناك السوق الرياضي يكاد يكون خاملاً تماما!
ورغم ذلك فهذا لم يمنع راكان الحارثي رئيس مجلس إدارة صلة من التواجد بمقر الأهلي والتوقيع على عقد رعاية بين صلة و الأهلي بمقابل 250 مليون جنيه مصري، أي 125 مليون ريال! أي أعلى من مبلغ التعاقد مع الهلال!
قبل التوقيع مع صلة كانت الأخبار في كل مكان حتى مللنا منها تقول - وأنا أقتبس بالنص - : «الهلال مقبل على أضخم عقد رعاية بين الأندية السعودية « وهذا لم يحدث!
وحسب كلام محمد الحميداني رئيس النادي السابق ورئيس ملف الاستثمار في إدارة سمو الأمير عبد الرحمن بن مساعد قال في تصريح له: «قناة الهلال ستكون شيء عظيم ولدينا عرضان من قناتين تليفزيونيتين ونسعى لزيادتهما لأربعة عروض» !
ابحث عن قناة الهلال الآن بالريموت وأتحداك أن تجدها من الأساس في النايل سات والعرب سات! علماً بأن هذه التصريحات والوعود بتاريخ سبتمبر 2013 !! أي منذ 3 سنوات!
أعطوني يد التوجيه لأذرع النادي الاستثمارية وأنا على استعداد لإدخال 200 مليون للهلال في أول موسم!!
أنت عندك قمصان الفريق ورعايتها من شركة مستلزمات، وشعار الفريق كعلامة تجارية مستقلة، واللوحات الإعلانية بالملعب وحقوق تأجيرها والشراكة فيها! ،وحقوق اسم الملعب هذا يمكن إدخال الملايين من خلاله! ،وملعب التدريب وهذا شيء آخر تماماً! وحقوق بيع التذاكر التي يمكن إعطاء وساطة بيعها لشركة مستقلة تماماً تتوسع في بيعها ونشر أماكن البيع مع نسبة من التذكرة تذهب للوسيط هذا، حقوق إعلان صدر القميص وإعلان الأكتاف وإعلان الشورت، متجر النادي شيء آخر ومنتجاته قصة أخرى في عالم التسويق، في الخارج هناك بطاطس شيبس للأطفال يحمل اسم برشلونة! ليستر سيتي فعلها هذا الموسم وأطلق شيبس بطعم فاردي! فماذا عن المصانع الذي نتعاقد معها لتصنع لنا كل شيء يحمل اسم الهلال!
حقوق القناة الخاصة بالنادي، بيع عقد بثها لشبكة كبرى، بث المباريات وحقوقها، السوشيال ميديا والتواصل الاجتماعي، مثلاً الهلال تخطى 118 فريق آسيوي في حاجز الجمهور على ملعبه بمليون مشجع, ورغم ذلك تجد حسابه على تويتر فيه 2.9 مليون متابع فقط! كلوب أميركا المكسيكي, وهو مغمور ولا يقارن ببطولات الهلال وشعبيته يتعدى الـ 2 مليوني متابع ويقترب من هذا الرقم! أشياء كثيرة جدا وفروع عديدة تجلب مداخيل يمكن أن تكون مبالغ خرافية وقياسية لفريق ومؤسسة بحجم الهلال! ولكن بدلاً من ذلك نجد أن النادي: مديوناً!!
نعم .. رغم كل هذا الهلال مديون! هناك من قالوا في الصحف إنها 120 مليون.. وهناك من قال إنها 400 مليون !! كيف هذا!
التقرير المالي الرسمي عن الموسم الماضي وهو آخر تقرير وهو صادر عن الجمعية العمومية للهلال، كانت فيه المصروفات 241 مليون ريال! ، وكانت فيه الإيرادات 193 مليون ريال! أي أن هناك عجز .. تتخيلون هذا! كل هذه القنوات التسويقية والفرص الذهبية وهناك عجز في مؤسسة الهلال 48 مليون ريال!!
الوعود فقط هي ما يأخذه جمهور الهلال، والجميع يعلم أن النادي لا يدار استثمارياً بطريقة مثلى، وإنما يدار بالطرق التقليدية و الاعتماد على الهبات والصرف من القنوات الأخرى العجيبة، فنرى الأمير عبد الرحمن بن مساعد يقول صرفت على الهلال 300 مليون ريال من جيبي الخاص! كيف هذا!! هذه فضيحة ومأساة بحق الهلال وظلم لهذا الرجل! ،ومع وافر الشكر وجزيله لهذا الرئيس الكريم، ولكنه كان لا يجب أن يفعل هذا بل يحاسب المخطئين على خطأهم ويضع خطة ويعلنها أمام الملأ لإخراج النادي من محنته وإظهاره على قمة الأندية لأن موارد النادي وإمكانياته تقول هذا!
ولكن طريقة العلاج تلك كمن ترك الجرح مفتوحاً وقام بتسكين الألم فقط! وهذه الطريقة لا تنفع إلا إلى حين .. يطول أو يقصر ثم تجد نفسك في النهاية أمام نفس المشكلة القديمة والجرح العتيق .. ولكن بشكل أكثر استفحالاً وصعوبة في العلاج!! والدليل أننا رأينا هذا جميعاً في الفترة الأخيرة!
لاعبون يتقاضون رواتب ولا يخرجون نصفها على أرض الملعب، منهم من يتراقص بالكرة وسط المباراة والنادي خاسر! ومنهم من يصر على طريقة لعبه الخشنة فيُطرد مرتين في 5 أيام!
مدرب نحن على شاشات التلفيزيون نقول ونوجه بطريقة أفضل منه! وهو الوحيد الذي لا يرى! ، أخطاء متكررة كلفت النادي بطولتين في أسبوع!
في الهلال هناك 6 لاعبين تخطوا الـخمسة وثلاثين سنة ! 6 لاعبين !! أنت وأنا وأي شخص يمكن بـ 5 مليون ريال جلب 6 ناشئين تحت السن من أي مكان، قد يحدثون في النادي تغييراً يصبح حديث الوسط الرياضي!
ولكي لا نقع في فخ الكلام كما يقال ويظهر لنا غداً من يقول نحن نتحدث عن السلبيات والمشاكل ولا نقدم حلولاً فليقرأ كلامي مرة أخرى من الأول وسيرى الأمثلة والحلول بين السطور، ولكن من يفهم؟!
الآن على عاتق الإدارة الفترة القادمة فوراً أن تتخلص من مشكلة الديون كأول ما يجب معالجته! وللتخلص منها يجب اتباع منهج تسويقي أدواته ما ذكرنا وهي كثيرة جداً، عقد رعاية واحد مع شريك كبير بصفقة كبيرة المردود يمكنها إخراج وإنعاش النادي من تلك المشكلة وهذا مجرد مثال، وهذا يحتاج بعض الوقت يصبر فيه الجميع.. الإدارة ومحبو النادي وجماهيره!
بمجرد وضع النادي على المسار الصحيح سيجني المداخيل، وستنخفض المديونية فوراً!
قوموا ببيع اللاعبين المتخاذلين! الاستغناء عمن يثقل السفينة شئ مطلوب! ساوثهامبتون في 2009 أشهر إفلاسه ! وتولت إدارته سيدة هي كاترينا ليبر، هذه المرأة باعت 10 لاعبين دفعة واحدة، ومعهم رحل المدرب! وتحدت الجميع الذين توقعوا الفشل والهبوط، ليخرج النادي من مديونياته ويحقق أرباحاً ! 33.5 مليون جنيه أسترليني ! بجانب الأداء الرائع أيضاً فهذا الموسم ساوثهامبتون في المركز السابع وتحته تشيلسي وليفربول!
من يريد التغيير فسيغير ولو تحدى كل الناس وآمن بما يفعل، ولا يهم وقتها لاعب كبير أو مجموعة من اللاعبين يشكلون مراكز قوى، أو مدرب يفعل ما تريده رأسه ويضرب بالمنطق عرض الحائط كما فعل دونيس!
كثير من الناس يقول دونيس مظلوم والمسئولية على اللاعبين! وأنا أقول إن اللاعبين ولو سيئين فمن أجبرك كمدرب على إشراكهم واستمرارك معهم! وإن كانوا جيدين وليس عليهم شيء فلماذا خسرت بهم!!
وهناك من يقول - وهذا الكلام تقرؤه في الصحف - الهلال كما هو والدليل مركزه بالدوري، ولكن الأهلي كان الأجهز فنيا وبدنياً وحظ الهلال أنه وقع معه في الدوري والكأس! وأنا أقول له يا سيدي الكريم فماذا عن دوري الشباب 2012، ودوري الفتح 2013، ودوري النصر في 2014 و 2015! كل هؤلاء كانوا أجهز بدنياً وفنياً من الهلال! على مدى 5 سنوات؟!
فصل الخطاب، وأقول هذا الكلام ووالله ما الدافع إلا مصلحة هذا النادي الكبير، بغض النظر عن الرئيس، فلا تحملوه كل شيء يحدث في المؤسسة، هذه الطريقة «الطفولية» والتي تسلتزم وجود «أب» يتولى كل شئ ! هي مرهقة للجميع ! للنادي ولاعبيه وجماهيره .. ورئيسه !!
الحل الوحيد هو إنشاء إدارة تسويق واستثمار رياضي مستقلة يقوم عليها خبراء محترفون وذوو كفاءات، للالتفات لموارد هذا الكيان الكبيرة للغاية ! والمهدرة بلا طائل ! وبوجود الموارد سيكون هناك نادياً عملاقاً لا يستطيع أحد إيقافه! فالمداخيل تعني الاستقرار المادي واختفاء الديون، وصفقات لاعبين محترفين من العيار الثقيل، ومدربين على مستوى عال يمكن جلبهم بلا خوف من السقف المادي الذي يحكمنا.
ونظرة حولنا سنجد أن تسويق موارد النادي هو السبيل رقم واحد لنجاح الأندية وهناك أمثلة مثل السيتي وتشيلسي وباريس سان جيرمان وريال مدريد، حتى ميلان هذه الأثناء سيخرج من كبوته عبر إطلاق يد المستثمرين فيه، إذا حدث هذا مع الهلال فانظروا لحال الفريق وشاهدوا الفارق، ووقتها ستختفي عبارة «ماذا يحدث للهلال» التي تقال منذ 2004 ! .. وسنجد بدلاً منها : «كيف فعلها الهلال»!
- مستشار تسويق
@ KhalidAlrubian