«الجزيرة» - سمير خميس:
شدد المدير التنفيذي للمسؤولية المجتمعية في مجموعة دلة البركة القابضة أيمن فلمبان على ضرورة وجود مظلة حكومية وبنك معلومات ينظم خريطة العمل التطوعي في المملكة.
وتطرق فلمبان في حوار مطول مع «الجزيرة»، إلى أهمية تأطير العمل التطوعي بشكل مؤسسي في المملكة، كما حذّر من مغبة الأعمال العشوائية التي لا تدعم تأسيس ثقافة تطوعية عامة. وقال: «إن العمل التطوعي أصبح اليوم من أهم الأعمال المجتمعية التي تسهم في خدمة المجتمع، بل باتت ثقافة سائدة في عدد من المجتمعات». فإلى نص الحوار:
توسع ملحوظ
* كيف تقيّمون مسيرة العمل التطوعي السعودي؟
- بداية أحب أن أوضح الفكرة العامة لمفهوم العمل التطوعي، التي تقوم على مبدأ إشراك عناصر المجتمع المختلفة للقيام بأعمال تطوعية وخدمية لمجتمعهم دون انتظار أي مقابل مادي.
أما بالنسبة لسؤالك يمكننا القول إن العمل التطوعي شهد انتشارًا كبيرًا في جميع مناطق المملكة خلال الفترة الأخيرة وصار للشباب دور كبير في الإسهام بفاعلية بهذا المشروع الإنساني المهم، وأصبح هناك كثير من المشروعات التطوعية وعديد من الجهات الداعمة التي استوعبت أهمية دعم هذه الأعمال وتوفير مبادرات تطوعية، وبخاصة من فئة الشباب المستهدفة، التي تمثل نحو 67 في المائة من المجتمع السعودي، بهدف استغلال حالة الفراغ لديهم، والانتقال بهم صوب أن تكون عناصر فاعلة داخل المجتمع.
تعزيز المفهوم
* يقال: إن مفهوم العمل التطوعي برز بشكل واضح بعد كارثة سيول جدة الأولى، إلى أي مدى تتساير مع هذه الرؤية؟
- كارثة السيول لم تكن هي نقطة البداية لانطلاق هذا المفهوم، إنما يمكن القول: إنها أسهمت في إيجاد حراك حقيقي كبيرًا بين الشباب، الذين استطاعوا إظهار دورهم في التعامل مع قضايا مجتمعهم متى ما دعت الحاجة لذلك، لذلك في أكاديمية دلة للعمل التطوعي نركز على أن يكون هذا السلوك «ثقافة دائمة» وليس «ثقافة مناسبات».
كما أحب التنويه إلى مفصل مهم، وهو أن العمل التطوعي ذو مجالات متعددة وليس محصورًا في الإطار الميداني، كما يتصور ذلك الكثيرين، فقد يكون التطوع في الفكر، أو الجهد الذهني، لذا نسعى في دلة، لترسيخ مفهوم العمل التطوعي عند الشباب من خلال الإسهام في توفير البدائل الممكنة أمامهم للقيام بخدمات كبيرة، بجهود صغيرة، وبخاصة شباب وطننا تعود على الأعمال البسيطة، ويتهربون من الأعمال الميدانية.
تكامل القطاعات
* ماذا عن العوائق التي تواجه العمل التطوعي؟
- لا وجود عوائق محددة، إنما أهم ما ينقصه هو وجود الجانب الرسمي، فالحاجة ملحة لوجود مظلة رسمية تقوم بتوفير بنك معلومات أمام المشروعات التطوعية للشباب، لأننا نفتقد للابتكار في هذا المجال، والسبب يكمن في ندرة المعلومات المتوافرة. لكنه من خلال توفير قاعدة بيانات واضحة يمكن للشباب إيجاد الجهة الداعمة لمشروعهم بحسب نوعيته. نأمل أن تتكاتف الجهود الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
* ما مدى الحاجة إلى سن التشريعات والقوانين تجاه العمل التطوعي؟
- الحاجة ملحة ومهمة لسن قوانين تنظم وتسهل العمل التطوعي، ونحن نسمع عن وجود مشروع قرار يناقش في مجلس الشورى، وهو قيد الدراسة ومن المتوقع أن يصدر به قرار في القريب العاجل، ونأمل أن يقوم بتنظيم وتصنيف الجهات التي تعمل بهذا المجال من خلال التعاون مع مختلف الجهات داخل الدولة منها الأمنية لتوفير معلومات وخلفيات عن الجهات والأشخاص الراغبين في دخول هذا المجال عبر إنشاء بنك للمعلومات يحوي قاعدة بيانات شاملة.
ومن خلاله يمكن إشراك المتطوعين في الكثير من الأعمال مثل تنظيم الحشود في الفعاليات الكبيرة كبطولات كرة القدم والمؤتمرات الكبيرة، ففي قطر على سبيل المثال أغلب المناسبات والفعاليات يتولى تنظيمها متطوعون وبذلك يتم توفير الكثير من الجهد والمال الرسمي.
البصمة النسائية
* أنتم من خلال أكاديمية دلة للعمل التطوعي تولون النساء اهتمامًا أكبر في التأهيل؟
- نحن نقوم بتأهيل وتدريب قطاعي الشباب والفتيات على السواء لكن من خلال تجربتنا لمسنا تفاعل السيدات مع المبادرات التطوعية بشكل أكبر ونشاطهن يفوق الشباب بأضعاف ففرضوا وجودهن بشكل أكبر من الرجال، ربما يعود ذلك لطبيعة حياة المرأة التي تملك وقت فراغ كبير، إضافة إلى امتلاكها طاقات كامنة تسعى لتفريغها واستغلالها بشكل إيجابي.
* يتحدث البعض عن وجود ضبابية حول مجال عمل المرأة التطوعي؟
- على العكس، الفتاة لديها قدرات كبيرة في العمل التطوعي، ومن واقع عملنا اشركناها في أعمال مختلفة بما لا يخالف العادات والتقاليد، وقمنا بتوفير دورات تدريبية لهن وتأهيلهن في عديد من المجالات، بل يجب أن نعمل على إشراكها في كل قطاعات الحياة التطوعية، فهي تجيد العمل بكفاءة عالية، كما أنه لدينا فرق تطوع نسائية أثبتت جدارتها في التعامل مع حالات الأيتام، وقضايا البيئة والمعوزين وغيرها.
تعميق الثقافة
* ما الدور الرئيس الذي يمكن أن تلعبه الأكاديمية لتطوير العمل التطوعي؟
- الهدف الرئيس من إنشاء الأكاديمية هو نشر ثقافة التطوع بين أوساط المجتمع بشكل احترافي تحديدًا فئة الشباب، ومن أجل ذلك حددنا ثلاث خطوات للتنفيذ، الأولى تتمثل في أدواتنا وهي «التأهيل - التدريب» ويمر ذلك عبر اجتياز المتطوع لست دورات تدريبية وتأهيلية تنقله من شخص عادي إلى شخص قيادي.
والخطوة الثانية توفير الدعم للفرق التطوعية، وأجدها فرصة هنا لتوجيه دعوة إلى الفرق التطوعية الراغبة في الحصول على الدعم، التواصل مع الأكاديمية، فنحن على استعداد لتقديم الدعم المادي واللوجستي بحسب برامجها وأهدافها.
والثالثة تتمثل في عقد اتفاقيات شراكة مع أي جهة تدعم هذا العمل في مختلف مدن المملكة، والتركيز على المدن الثانوية، لأنها الأكثر احتياجًا لمشروعات العمل التطوعي، والشباب فيها أكثر رغبة وفاعلية في خدمة مجتمعهم.
* هل لديكم شروط أو معايير خاصة بالمتطوع؟
- أي شخص لديه الرغبة في العمل التطوعي سعودي أو مقيم بشكل نظامي من سن 15 وحتى الستين عامًا، نقدم له كل الدعم من تأهيل وتدريب، ونجد له فرصًا تطوعية، وللعلم أكبر متطوع معنا يصل عمره 60 عامًا، وبالنسبة لفرق التطوع نقدم الدعم بعد معرفة هدف مشروعهم، وعلى ضوء ذلك نقدم الدعم المطلوب.
الدراسات والبحوث
* هل وصلنا لمرحلة أن يكون التطوع في المملكة «ثقافة سائدة»؟
- نستطيع القول إن العمل التطوعي انتشر وتوسع بشكل كبير، وبخاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي فأصبح كل عمل تشاهد آثاره على أرض الواقع، وهو من الأمور المحفزة لخوض غمار هذا العمل، فقبل ثلاث أو أربع سنوات لم يكن هناك وعي كافٍ بماهية التطوع لكن