«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
بين فترة وأخرى يتردد اسم «باب المندب» ليحتل مقدمة نشرات الأخبار.. وما يتعرض له من هجوم بين آن وآخر من قبل الحوثيين. لكن العديد من الناس يجهلون هذا المضيق الإستراتيجي والمهم.. الذي حاولت إيران ومنذ عقود بدءاً من حربها على العراق في الثمانينات الميلادية أن تجد لها موقعاً في هذا المضيق الشهير؟! وباب المندب الذي نكتب عنه هذه (الإطلالة) القصيرة يحتاج لدراسة موسعة لما له من قيمة ومكانة تاريخية وإستراتجية باتت حديث وسائل الإعلام المختلفة كلما وقعت أحداث في الشرق الأوسط بصفة عامة وفي المنطقة المحيطة به بصفة خاصة كما هو الحال مع أحداث عاصفة الحزن وإعادة الأمل.. وهذا الباب الشهير يقع بين قارتي آسيا وإفريقيا ومفتاح الملاحة الرئيس في البحر الأحمر وهو حلقة وصل بين إفريقيا وآسيا وأوربا لذا يعتبر الكثيرون البحر الأحمر قلب العالم الإستراتيجي ومفتاح أمن المنطقة العربية منذ التاريخ القديم وخلال التاريخ الإسلامي وتوحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وحتى التاريخ المعاصر. وصولاً لهذه الأيام الذي بات اسمه يقفز للصفحات الأولى في الصحف والمواقع الإعلامية ونشرات الأخبار المصورة.. وكما لا يخفى على البعض من قراء «الجزيرة» وغيرها فالبحر الأحمر شبكة معقدة من المصالح والأطماع والمتناقضات الدولية والإقليمية والمحلية وهو في ذات الوقت يمثل بوابة يتدفق منها النفط القادم من دول الخليج ويعبره 60% من احتياجات أوربا الغربية التي تبلغ ملايين البراميل سنوياً واكتسب مضيق باب المندب الإستراتيجي وهو الممر المائي الواصل بين البحر الأحمر وخليج عدن ومن ثم المحيط الهندي.
أهميته بعد حفر قناة السويس التي تعتبر أقصر طريق ملاحي في العالم بين الشمال والجنوب. ويمر عبر القناة نحو 12% من حجم التجارة العالمية. مما شكل أهمية حيوية لمضيق باب المندب باعتباره المدخل الجنوبي للقناة. وهو كذلك قناة وصل تجارية بين البحار والمحيطات الأطلسي والهندي والعربي فأي تحرك في البحر الأبيض المتوسط ينتهي في البحر الأحمر! وبعد مروره على المحيطات السابقة الذكر والمحطات المعروفة مضيق هرمز وخليج عمان والمحيط الهندي وخليج عدن وباب المندب. عدا تلك الناقلات المتجهة للشرق الأقصى.. ولو قلبنا صفحات التاريخ لوجدنا الكثير من الوثائق الهامة التي تحدد ملامح هذا الباب. كثغر عربي، وأبحاث المؤرخين تركزت حول دور كل من صلاح الدين والظاهر بيبرس في رد الغزو الصليبي والمغولي.
ودوره في الصراع ما بين المسلمين والبرتغاليين في القرن الخامس حيث طارد البرتغاليون المسلمين بعد صراعهم الديني في شبه جزيرة إيبيريا «الأندلس» حيث ظلوا يطاردونهم حتى سواحل إفريقيا ويهاجمون ثغورهم.. ومنها هذا الوقع الهام «باب المندب» الذي يعيش اليوم تحرشات حوثية ممجوجة بفضل دعم إيران. وماذا بعد أن أمن هذا الباب؟ مهم جدا لا لليمن ولا للمملكة وإنما لمختلف دول العالم ومن هذا المنظور يصبح أمن باب المندب مهم جداً ويجب المحافظة عليه وتسخير كل الطاقات لجعله بعيداً عن الصراعات المختلفة.. فهل نفعل..؟!