د. خيرية السقاف
الطفل حين يعبث بالقلم, فإنه يرسم به على الجدر, وفوق سطوح الأرض,
بل على ساقه, وساعده, وثوبه..
وعلى أي سطح أمامه دون اكثراث,
ذلك لأنه لا يدرك ما يرسم,
ولا يقصد ما يفعل..
هذا الطفل إن فعل, تشهق أمه دهشة رفضٍ حين تقع على ما فعل,
وتركض في محاولة محوه, و»تنظيفه»..!!
بعض الأحبار قابلة للمحو,
وبعضها عصية على الإزالة..!!
وتبقى آثار عبث الصغار بالأقلام..
هو ذا حال من يعبثون كالأطفال بأقلامهم, غير أنهم يدركون..!!
لكن ليس لأنهم أطفالٌ غرٌ جاهلون..
بل لأن المساحات شاسعة لهم, والمدى فسيح..!
كلما كتبوا وشاع ما يحبرون, بهزاله, وخوائه, زاد نهمهم في الانتشار,
وعبثهم في الازدياد..
وناءت بعبثهم الحيطان, والعقول, وصفحات الوقت, والأذهان..
هؤلاء هم أشد على صفاء الحياة عتمة من آثار الأطفال التي لا تزول..!
وهم أكثر من يخلط جمال سطور بقبح غرور..!
وهم أجرأ من يكشح في مدى فضاء النفوس عبثه, وفوضاه..
ومن يشيع جهله, ويكشف ضحالته, ورداءته..
إنهم ليسوا الأطفال العابثون ببراءتهم, وإنما هم الكبار العابثون بوقاحتهم..
فمن «ينظف» فضاء القارئين من عبث العابثين بأحبارهم..؟!