د. أحمد الفراج
نعم، هذا عنوان غريب لمن لا يتابع الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية، ولكنه يحكي الواقع لكل من يتابع، وبالتالي يعلم أن الحزب الجمهوري كان يقف وقفة صارمة ضد ترشح المثير للجدل، دونالد ترمب، والذي اكتسح السباق، منذ اليوم الأول، أي بداية شهر فبراير الماضي، فقد بذل الحزب الجمهوري كل جهد ممكن لدعم منافسي ترمب، ففي البداية وقف الحزب وقفة رجل واحد، لدعم المرشح ماركو روبيو، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، ثم هزمه ترمب هزيمة منكرة في عقر داره، أي في ولاية فلوريدا، وبعدها انسحب روبن من السباق، ثم بعد ذلك وضع الحزب الجمهوري كل طاقته خلف المرشح تيد كروز، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس، ومع أن كروز أبلى بلاء حسنا لبعض الوقت، إلا أن ترمب قضى على آماله، في انتخابات ولاية انديانا، قبل أيام.
تيد كروز انسحب من السباق، بعد هزيمته من ترمب في ولاية انديانا، وقد خلا الجو لترمب، اذ لم يتبق من منافسيه إلا حاكم ولاية اوهايو، جون كيسك، وغني عن القول إن فوز كيسك على ترمب مستحيل، فترمب يتقدم عليه بفارق كبير جدا في أصوات المندوبين، ومن المتوقع أن ينسحب كيسك من السباق في أي لحظة، وانتخابات انديانا كانت مهمة جدا، ومفصلية للمرشح تيد كروز، ليس لأنها تأتي في مرحلة حاسمة من السباق، ولكن لأنه يتركز فيها عدد كبير جدا من الإنجيليين المسيحيين، وهم عماد حملة كروز، وقد تمكن ترمب من هزيمته، وهو الأمر الذي أوصل كروز لمرحلة اليأس، وبالتالي الانسحاب من السباق، وبعد انسحاب كروز، اضطر رئيس الحزب الجمهوري - مرغما - على الاعتراف بأن دونالد ترمب هو المرشح المحتمل للحزب، وقد قطع هذا التصريح قول كل خطيب، فترمب هو المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية.
تصريح رئيس الحزب يعني أن النخب الفاعلة في الحزب الجمهوري استسلمت لكلمة الشعب، والذي يريد ترمب، ولا أحد غيره، وقد أدرك قادة الحزب أن استمرارهم في محاولة إسقاط ترمب، ضد الإرادة الشعبية، في مؤتمر الحزب القادم، وهو خيار كان مطروحا، حتى قبل انتخابات انديانا، سيتسبب في تمزيق وحدة الحزب، وتشتت أنصاره، واقتنعوا أن الحل الأمثل هو دعم ترمب، ومحاولة تأهيله ليكون قابلا للفوز بالرئاسة، في نوفمبر القادم، وهي مهمة ليست باليسيرة، إذا ما أخذنا في الاعتبار شخصية ترمب القوية، وعناده، وشعوره بأن الحزب قرر دعمه رغما عنه، بعد أن أدرك بأنه هو الخيار المفضل للجمهوريين، وسأتحدث عن الدوافع التي ساهمت في صعود نجم ترمب، واكتساحه، في مقال مستقل.