فهد بن جليد
الجلوس مع (كبار السن) له فوائد عظيمة، فخبرتهم المُتراكمة على مدار عقود - لا تُقدر بثمن - ولكن للأسف أن مُجتمعنا بدأ يفقد هذه الطبقة المُعمّرة بين الأجيال شيئاً فشيئاً، بل إنّ المُحزن أننا نسمع عن قصص التخلي عن (كبار السن) وإيداعهم (النقاهات والمُستشفيات) وهي الثقافة التي غزّتنا مؤخراً, بحثاً عن حياة عصرية!.
كل من التقيتهم ممن تركوا أقربائهم من كبار السن في هذه الأماكن، كانت إجابتهم شبه المّوحدة (هنا أفضل لهم من ناحية الرعاية والاهتمام) أنا أعلم أنهم يكذبون، وهم يعلمون كذلك بأن ما قاموا به هو تهرّب من المسؤولية، و نكران للجميل، ولكن ماذا عسانا أن نقول؟!.
وجود (كبير السن) في المنزل حتى لو كان لا يدرك ماحوله، له تأثير إيجابي و سّحري على تربية الأولاد تربية صحيحة، وهو بمثابة (البوصلة) التي يتم من خلالها تحديد الاتجاهات، وضبط الأمور التي تسير بها الأسرة، أنظر للبيوت التي تخلوا من كبار السن ؟ فهي بيوت (بلا طعم و لا رائحة)!.
تفكير جيل (الهمبورجر) لن يتغير، إلا بعد تذّوق (حكّاكة المرقوق)، و(قرّارة العصيد)، وسماع قصص الليالي حالكة السواد، والمشي على الأرض بأقدام حافية، و سرقة لحظات عابرة للعب (بالدّنانات) و(عظيم ساري) ليّعوا كيف كنا؟ وأين نحن اليوم؟ وإلى أين نحن سائرون؟ (فعلم الرجال) تتناقله الأجيال (بالمُشافهة) و لا تقدمه المناهج الدارسية وحدها!.
في جلسة مشراق يوم - أمس الأول - وسط (البيوت الطينية) بالمنطقة التاريخية بالمجمعة، قرأت في (أعين) مجموعة من كبار السن (حرّقة) على أيام خلت، وهم ينظرون (للسّكيك) عندما كان (الصدق يملأها)، و(الأمانة) عنوان لسالّكيها، صحيح أن كل مناطق المملكة تقريباً تتنافس في الحفاظ على المباني التاريخية والطينية القديمة، ونقوم بتجديدها معمارياً.. ولكن (ثمّة غصة)؟!.
كيف لنا أن نُعيد (أخلاق وتربية ودين) ساكنيها الذين رحلوا عنا؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.