خالد بن حمد المالك
قطع الرئيس المصري الطريق على المزايدات حول ما تم الاتفاق عليه بين الملك سلمان والرئيس السيسي لتحديد الحدود البحرية، وبناء جسر يحمل اسم الملك سلمان ويربط الدولتين المملكة ومصر والقارتين آسيا وإفريقيا براً، وعودة الجزيرتين السعوديتين (ثيران وصنافير) إلى المملكة بعد عقود كانتا أمانة لدى السلطات المصرية، وقدّم الرئيس من المعلومات والوثائق والصور عن الجزيرتين وحق المملكة فيهما ما لم يخطر على بال أبواق الإعلام الغوغائية.
* * *
كان الرئيس السيسي شجاعاً، وواثقاً من مصلحة مصر في توقيع هذه الاتفاقيات، وكان يستند إلى التاريخ بمعلوماته ووثائقه ومستنداته، ويعوّل عليه في كشف الحقائق بخصوص ما تم التوافق عليه، وعلى إعلام مصري نزيه يحب مصر، ويعتمد على شعب لا ينساق وراء إعلام مشبوه ورخيص، وعلى برلمان يضم عقلاء وعلماء ورجالاً يحترمون المواثيق.
* * *
قال السيسي ما قال، وتحدثت الاتفاقيات بما وثقته بنودها من معلومات، وبقي الحاقدون يحرثون في بحر، ويكتبون في ماء، ويكررون القول، وينسون أنهم أمام تاريخ لا يكذب، وقادة لا ينكثون الوعد والعهد، ودولاً كالمملكة ومصر تحترم المواثيق، تأخذ ما لها، وتعطي ما ليس لها، بالحوار، والرجوع إلى الوثائق، والرسائل المتبادلة، وما كان قد توافق عليه الجانبان منذ عقود من الزمن.
* * *
انتهى كل شيء، رفعت الأقلام، وجفّت التواقيع على ورق الاتفاقيات، ولاحقاً سوف تودع نسخ منها في المنظمات والمؤسسات الدولية، لكي لا يأتي من يعبث بها، أو ينكرها، أو يعلن تراجع بلاده عنها، بحسب أهوائه وعقليته وتفكيره، وهو ما يفعله عادة المسيسون وذوي الأجندة الذين لا يحملون الخير لبلدانهم، ولا يعطون لغيرهم حقوقهم حتى وإن كانت واضحة، كما هي الشمس في وسط النهار، كهؤلاء الذين كتبوا أو تحدثوا بسلبية عن التوافق بين الرياض والقاهرة.
* * *
ترك سلمان القاهرة، غادرها بحب، مثلما استقبل بها بابتهاج، وقال كلماته في مؤسساتها، وصرّح برأيه في أكثر من موقع، فكان في الأزهر، وفي البرلمان، وفي جامعة القاهرة نجمها أينما حلَّ أو رحل، ومن سيناء كان اسم جامعة سلمان يتردد ويعلو على ممارسات المخرّبين هناك، وعلى ضجيج الإرهاب في هذه الصحراء، فقد أهدى لهم الملك العلم بديلاً للقتل والإرهاب، ونبههم بهذه المبادرة إلى ما ينبغي أن يكونوا عليه، حتى لا يتفاقم الوضع المأساوي على أيدي حفنة صغيرة من الإرهابيين، قال لهم هذه الجامعة هديتي لكم، وهي سلاحي الذي أشارك به ضد أعدائكم.
* * *
أهم شيء، أن الزيارة الملكية لمصر أكَّدت من جديد عمق العلاقة بين المملكة ومصر، وأن ما يُقال عن فتور فيها بسبب التطورات الجديدة التي عصفت بنظامين سابقين غير صحيح، وأن ما يربط الشعبين الشقيقين من علاقات ود ومحبة أقوى من أي تطورات، وأعمق من أي تشكيك، مدعوماً بأي نظام يختاره الشعب، وأن خادم الحرمين الشريفين جاء إلى مصر وغادرها موثقاً القول بالفعل عن علاقة المملكة بجمهورية مصر العربية.
(يتبع)