الثقافية - محمد المرزوقي:
يقول سعادة الزميل الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» واصفاً هذا الإصدار ضمن سلسلة (إصدارات الجزيرة الثقافية): «بين شاعر ومؤرّخ، وناقد وقاص، يأتي هذا الكتاب ليقدم للباحثين شهادات ودراسات موثقة لأعلام سعوديين، ضمن الجزء السادس من إصدارات (الجزيرة الثقافية) يجمعهم معاً هذا الكتاب، كما يجمعهم الشأن الثقافي، كما يقربهم ويقربنا منهم الاهتمام بالموروث، والعناية فيما له علاقة بالمعاصرة، ما شجعنا على تقديم هذه الشهادات عنهم».
ويمضي المالك في توصيفه للجزء (السادس) قائلاً: «هذا الكتاب كسوابقه يرصد النشاط الثقافي والأدبي لمجموعة من أعلام الثقافة السعودية، بحسب ما عنون به الكتاب، ووفقاً للعطاءات الثقافية التي أهلتهم لأن يُنظر إليهم على أنهم ضمن المجموعة المثقفة في البلاد، وهو ما تزكيه مؤلفاتهم ودراساتهم ومشاركاتهم المنبرية، وتؤكده هذه الشهادات بأقلام عدد من المثقفين».
لقد جاء الجزء السادس من هذه السلسلة متضمّناً العديد من الشهادات والدراسات لكل من: أحمد الصالح؛ إبراهيم العواجي؛ فاطمة الوهيبي؛ أحمد الضبيب؛ عابد خزندار؛ عبدالله العثيمين؛ محمد عبده يماني؛ عبدالعزيز بن عبدالكريم التويجري؛ وعبدالعزيز مشري.
وفي الملف الخاص بفقيد المشهد الثقافي الوطني الدكتور عبدالله الصالح العثيمين - رحمه الله - الأمين السابق لجائزة الملك فيصل العالمية، وعضو هيئة التدريس بقسم التاريخ في جامعة الملك سعود سابقاً، وعضو مجلس الشورى سابقاً، الذي جاء ضمن هذا الجزء - السادس - من سلسلة (إصدارات الجزيرة الثقافية: من أعلام الثقافة السعودية.. شهادات ودراسات) الذي حمل عنوان: (عبدالله العثيمين.. الشاعر.. المؤرّخ.. الأمين) فقد جاء هذا الملف بشهادات كل من: الزميل الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي مدير التحرير للشؤون الثقافية بصحيفة (الجزيرة) بعنوان: (أبو صالح)؛ والدكتور محمد عبده يماني بعنوان: (تحية وتقدير للدكتور العثيمين)؛ وطلال سلمان بعنوان: (اعتذار متأخر للشيخ الذي أضحكنا على السياسيين!)؛ والدكتور عبدالقادر عبدالحي كمال، بعنوان: (صريح الرأي)؛ ومحمد الزينو السلوم؛ بعنوان: (نجوى القلب)؛ وحسين عاتق الغريبي بعنوان (العثيمين في عيون محبيه)؛ إضافة إلى عدة شهادات حملت عنوان: (قالوا عن العثيمين)؛ وباقة شعرية من قصائد العثيمين المختارة تحت عنوان: العثيمين قبل نصف قرن (قصائد).
وفي شهادة للدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - دوّنها بعنوان: (صوت من الخليج: العثيمين.. وشيء من الشعر الحزين) قال فيها: رأيت عبدالله العثيمين في أواخر الستينيات الميلادية، وكان أيامها يكتب الدكتوراه عن نجد، في إسكتلندا، وكنت أكتب الدكتوراه عن اليمن في لندن.
ومضى القصيبي في شهادته قائلاً: وقبل أن يتحذلق متحذلق فيسأل: علام يبحث القوم تاريخ نجد في إسكتلندا، وتاريخ اليمن في لندن؟ أقول: لأن في إسكتلندا عن تاريخ نجد ما لا يوجد في نجد، ولأن في لندن عن تاريخ اليمن ما لا يوجد في صنعاء اليمن، وتلك بطبيعة الحال قصة حزينة.. ولكنها قصة أخرى.
وعن بدايات اللقاء بين العلمين الراحلين - رحمهما الله - قال القصيبي: كان عبدالله العثيمين يزور لندن لماما، ولا يقضي فيها غير سويعات يشد بعدها الرحال عائداً إلى الجبال الشم في إسكتلندا، وكنا نلتقي في صحبة الصديق السرابي (وأعني بالسرابي الذي يظهر ويختفي بلا مقدمات) عبدالله العميل، وكان عبدالله العثيمين ينشد بيتاً أو بيتين، وكنت أحيانا أنشد بيتاً وبيتين.. عدت إلى الوطن، وإلى كلية التجارة، وعاد العثيمين إلى كلية الآداب، وكان لقاؤنا في الوطن أقل من لقائنا في الغربة!.. ولله في خلقه شؤون!
وعن أمسية شعرية جمعت الراحلين قال القصيبي: جمعتنا أمسية شعرية أقامتها الجامعة - الملك سعود - فكان عبدالله العثيمين نجم الأمسية.. ربما لأنه استطاع أن يتنبأ قبل الآخرين من شعراء وغير شعراء بالمصير الذي ستنتهي إليه القضية!
وفي شهادة تضمنها الملف للدكتور أحمد مطلوب، بعنوان: (شاعر من القصيم: قراءة في شعر عبدالله العثيمين) قال فيها: يزخر ديوان الشعر العربي، بقصائد (الحنين إلى الوطن) والوقوف على الدار القديمة، ومناجاتها بعد الغيبة الطويلة، والشاعر عبدالله العثيمين عاد إلى وطنه بعد غياب طويل في إسكتلندا، وما أن مسّت عجلات الطائرة أرض وطنه حتى نظم قصيدة (عودة الغائب) بث فيها حنينه وأشواقه إلى بلدته (عنيزة) التي شهدت ولادته، وسمعت خطواته وهو يدرج في رحابها:
طربت ماذا على المشتاق من طرب
لما دنت لحظات نحوهن صبا!
وكان غيره يطرب إلى البيض، ولكنه طرب شوقاً إلى بلدته التي ناجاها كما يناجي الحبيب حبيبته:
أرست على مدرج الأمجاد طائرتي
وموعدي مع أحلامي اقتربا
حيث التي أسرت قلبي تعانقني
وتمسح الهم عن عيني والتعبا
كم قد مكثت بعيداً عن مفاتنها
أغالب السهد في (سكتلندا) مغترب