د. عبدالرحمن الشلاش
جاء حديث الأمير محمد بن سلمان لوكالة بلومبيرج مريحا ومبشرا للمواطنين ذوي الدخول المحدودة , فقد بسط سموه الحديث عن همومهم ومعاناتهم وخاصة مع ارتفاع تعرفة المياه حين وصفها بأنها غير مرضية وسيتم تصحيحها, كما طمأن المواطنين حين أكد على حرص المملكة في مرحلة ما بعد النفط على عدم تأثير رفع الدعم إذ تسعى لجعل تأثيره محدودا على مواطنيها في إطار خطة ما بعد النفط.
طبعا سموه لا يتحدث عن المواطنين الأغنياء, أو الطبقة المتوسطة من ذوي الدخول الجيدة فهؤلاء أحوالهم لا تتأثر كثيرا بارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية أو تعرفة الماء أو الكهرباء, وإن حدث تأثير ما فسيكون في أدنى المستويات. الأثرياء من المواطنين أو أصحاب الدخول المرتفعة منهم لا يشغل تفكيرهم ارتفاع أسعار المياه رغم أنهم الأكثر استهلاكا له . أما المواطن ذو الدخل المحدود أو البسيط فلا شك أن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية أو تعرفة الماء أو الكهرباء تشكل بالنسبة له قلقا مضاعفا لذلك جاءت لفتة سموه ووعده بالتصحيح لتزيح عن كاهله كثيرا من الهموم, وأن الدعم على السلع وعدم تأثر شرائح الماء بالارتفاع تخص المواطن البسيط.
جميل أن تشارك الدولة وفقها الله المواطن همومه ممثلة هنا في سمو ولي ولي العهد , وتشعره أن حل أزماته من أولوياتها في إطار خطط مستقبلية طويلة المدى تستهدف المواطن منخفض الدخل , ولعل البدايات كانت قبل سنوات عندما ثبتت الحد الأدنى للأجور عند ثلاثة آلاف ريال , ورواتب معلمي المدارس الأهلية عند 5600 ريال, وهي قرارات جيدة لا يعكر فرحة المواطن بها إلا تعنت بعض رجال الأعمال وملاك المدارس وتحايلهم عبر طرق عديدة لإيقاف تنفيذ تلك القرارات غير مدركين أن زيادة أعداد الشريحة دون المتوسطة ليس من المصلحة, وأن أفضل الدول هي تلك التي تتزايد فيها أعداد مواطني الشريحة المتوسطة ذوي الدخول الجيدة.
قد يخف الضغط كثيرا على المواطن الذي يمتلك مسكنا حتى ولو كان متواضعا, وسيارة تنقله وأفراد أسرته إلى أي مكان داخل المدينة أو خارجها حتى ولو كانت السيارة قديمة وتسير بسرعة محدودة. لكن ماذا عن المواطن الذي يفتقد لكل هذه المقومات ؟ بالتأكيد الأغلبية من هؤلاء ما زالوا ينتظرون وحدات وزارة الإسكان ووعودها التي لم تتحقق على أرض الواقع! ولو تحققت فستساعد الدولة كثيرا في خططها الرامية لمعالجة أوضاع ذوي الدخول المحدودة, وهناك من وقعوا فريسة للبنوك وقروضها, وخاصة تلك القروض التي لا تتناسب مع رواتبهم الشهرية ما أوقعهم في مشاكل السداد, أو خصم معظم الراتب ليبقى جزءا بسيطا لا يكفي الفرد لمواجهة الظروف الحياتية.
دعم السلع يكون عادة موجها لكافة الشرائح من أثرياء ومتوسطي دخل ومحدودي دخل إضافة للمقيمين والأجانب, رغم أن الحاجة ملحة بشكل كبير بالنسبة لمحدودي الدخول, لذلك فإن الخطط التي تحدث عنها سمو الأمير محمد بن سلمان ستكون في صالح المواطن البسيط بشكل خاص فرفع الدعم وزيادة التعرفة لن تضره عندما تدفع له الدولة ما يعينه على مواجهتها أو ترشيده للاستهلاك للاستفادة من المبالغ المدفوعة له.