د. محمد خيري آل مرشد
لطالما تساءلت عن سبب هذا السواد العام الذي يغطي تلك البقعة من الأرض، عندما نمر من هناك أو عندما نراهم على شاشات التلفزيون، كل شيء أسود، فالرجال يلبسون الأسود أو على الأقل ألوان قاتمة والنساء كذلك،
ترى كل شيء حزيناً، تسمع نحيبهم حتى في غنائهم، كل شيء يوحي لك بالشؤم وبالحزن والتعاسة.. فأتساءل لماذا اختص ربنا هؤلاء بهذه الألوان التي تحتها أجسام تتنفس إلا أنها لا تحيا حياة طبيعة.. هذه البقعة من الأرض يعيش عليها عدد لا بأس به من الناس، حياتهم على مر قرون من الزمن قهر وحزن وبلاء باستمرار.. لم أر قوماً يعذبون أنفسهم بأيديهم دائم العصر إلا هم، فيجلدون أنفسهم بالسلاسل والحديد، يضربون أنفسهم بالسيوف والسكاكين، تقوم الحروب والويلات غالباً فوق رؤوسهم، حتى لو كانت بين جارين لهم لا بد أن يصيبهم نصيب من الويل، كل المصائب يجب أن تمر من هناك من فوقهم، يجب أن يحسوا بها، يجب أن يتألموا.. يجب أن تسيل دماؤهم دائماً..
ما السبب؟ ما الذنب الذي اقترفوه؟ ما المصيبة والجريمة التي فعلوها ليعاقبوا جيلاً بعد جيل؟
وعند البحث عن مسائل عقائدية أخرى والتتبع حول بعض أصول العقيدة التي ظلت تماماً في منهجهم وعقيدتهم، ومن خلال أيضاً قراءة بعض أحداث التاريخ المرتبطة بهذا، التي لا بد أن تتناوشها لكي تتضح لك الصورة أفضل وتكتمل لك أجزاء المشهد ولكي تفهم ما حصل، وطبعاً بالاستناد إلى وثائق ومخطوطات تهتم بهذه الأمور، خاصة المختلف عليها، فلا بد لك كمتابع أن تبحث فيما أمكن من المصادر لكي تثبت الحقيقة التي يثبت عليها رأيك.. ومن هنا لا بد عليك بالبحث في كل الاتجاهات ومن ضمنها مراجع هؤلاء وكتبهم المعتمدة بل أمهات هذه الكتب لتجمع الشهادات الصحيحة لكي تصدر حكمك الصحيح، وهكذا ترسي سفنك على بر من الشفافية والحقيقة.. وهناك وجدت بالصدفة جواباً على تساؤلاتي سابقاً عن سبب تعاسة هؤلاء.. سبب حزنهم.. فقرهم.. ندبهم المستمر ولطمهم الدائم..
ذلك أن الجواب يأتي من هناك، وبما أن دعوات الصالحين مستجابة -بإذن الله-، وكيف لا والذين دعوا عليهم هم صفوة الصالحين وخيارهم عندما ظلموا ووقعوا في المحنة، فدعوا على هؤلاء بالشقاء والتعاسة الأبدية، هنا أدركت هذه العقوبة الربانية الأبدية لهم.. فخيانة هؤلاء وغدرهم لهؤلاء النجباء المتقين، وقذفهم المستمر للعفيفة أمهم وأمنا، كان لا بد له من جزاء وبما أن الجزاء من جنس العمل.. كان لا بد لهم من أن يضربوا أنفسهم بالسلاسل والحديد والسكاكين والسيوف.. هكذا حالهم جيل بعد جيل يرثون هذه اللعنة، يرثون هذا الشقاء.. هكذا هي حالهم في إيران..!
جميل احترامي..