الدمام - فايز المزروعي:
أكد لـ«الجزيرة» مختص ومستشار إداري ومالي، أن فوائد ومرتكزات توجه الدولة إلى تخصيص خمسة بالمئة من شركة أرامكو السعودية، يكمن في أنه يقودنا إلى شفافية كبيرة تصل إلى نسبة 100 بالمئة للسوق السعودي وللقوائم المالية في أكبر موارد الدخل، بالإضافة إلى أنه سيعزز التقييم المالي للاقتصاد السعودي، ويجذب العديد من الاستثمارات العالمية مستقبلا.
وقال المستشار سعد بن عايض آل حصوصة: نعم سوف نبيع القليل مقابل الحصول على الكثير، وسوف نحصل على قوائم مالية شفافة لأكبر شركة إنتاج وتكرير البترول في العالم تملكها الدولة، وسوف تضاف هذه الأصول القيمة والجبارة إلى القوائم المالية لصندوق الاستثمارات العامة الذي تملكه الدولة أيضاً، حيث إن إضافة تلك الأصول مع الأصول الموجودة حالياً التي تملكها الدولة إلى الصندوق، سوف يعطينا التميز بوجود أكبر صندوق استثماري في العالم بحجم يصل إلى 2 ترليون، وعليه سوف ينعكس ذلك إيجابا على الاقتصاد بشكل عام، بأن تصبح تكلفة الإقراض الأقل نظرا لجودة هذه الاستثمارات، وفيما يخص التقييم المالي للاقتصاد السعودي سوف يكون من الأفضل، وسيقودنا إلى أن تقوم شركات كبرى لعرض استثماراتها علينا».
وأضاف آل حصوصة: «إن هذا الفكر والنهج المتوهج، يقودنا إلى العمل على تحسين تقديم الخدمات للمواطن والمقيم وإعطائها الاستمرارية، مع الحرص على إطلاع المواطن والمقيم على تكلفة هذه الخدمات، حيث إن معرفة المستفيد من الخدمة لتكاليف تلك الخدمات، سيكون له الأثر الأكبر في الحرص عليها والاطلاع على أثرها الاقتصادي للدولة وشعبها، فعلى سبيل المثال لو قمنا باطلاع المواطنين والمقيمين بعدد ليترات المياه المستهلكة يوميا وتكلفتها عن طريق شاشة عرض كبيرة، سوف يشعر المواطن والمستفيد بالمسؤولية ومدى تحمل الدولة الكثير من أجل راحة المواطن».
ولفت إلى أن منهج واستراتيجية التخصيص أثبتت فعاليتها منذ البدايات في المملكة، وعلى سبيل المثال فإنَّ القطاع البنكي أصبح ينافس بشكل أكبر من السابق، وقطاع الاتصالات تطور كثيرا بعد أن كان المواطن ينتظر الكثير للحصول على الخدمة وبأسعار عالية، أما اليوم فأصبح لدينا شركات متنوعة ومستقطبة لأبناء وبنات الوطن، كذلك قطاع البتروكيماويات أصبح يستحوذ على حصة جيدة في سوق البتروكيماويات العالمي، وأعتقد أن القادم أفضل خصوصا في رفع الكفاءة وتحسين الأداء والتنافس بالأسعار مع تقديم خدمات متميزة للمواطنين، ولو تم تطبيق هذا النهج على معظم الخدمات الأخرى كالطيران والنقل والتعليم والصحة، فسيكون هناك استغلال أكبر للموارد، وفتح أفق أكبر للمواطنين مع تطوير الكفاءة الإدارية واكتساب الخبرات الضرورية لتطوير هذه الخدمات والمنافسة عالميا».
وأشار آل حصوصة إلى أن هذا التوجه يتطلب أدوات استثمارية وإدارية حديثة، حيث نسمع بالخصخصة والمشروع التحولي الكبير في الإدارة والتنمية، ونظرا لقلة المعلومات الخاصة بمثل هذه الكلمات وهي تعتبر للغالب عالم غامض، فلابد من استعراض تاريخ الخصخصة للدول التي طبقتها ومدى فاعليتها، بالإضافة إلى البرامج الشبيهة التي اعتمدتها الحكومة السعودية وطبقتها بكل جدارة في سنوات سابقة وآتت بثمارها لله الحمد.
وقال آل حصوصة: أصبحت الخصخصة هي المنهج للتخلص من الحجم الزائد للقطاع العام وتحقيق الكفاءة الاقتصادية، فالخصخصة في التعبير الاقتصادي، هي نقل جزء أو كل من الملكية العامة إلى الملكية الخاصة، وتأخذ الخصخصة منهجين، الأول: هو بيع أصول مملوكة للدولة إلى القطاع الخاص، والثاني: هو أن تتوقف الدولة عن تقديم خدمات كانت تضطلع بها في السابق مباشرة وتعتمد على القطاع الخاص في تقديم تلك الخدمات، حيث يرجع تاريخ أول عملية للخصخصة في العالم إلى عام 1676م، حينما سمحت بلدية نيويورك لشركة خاصة بأن تقوم بأعمال نظافة شوارع المدينة، أما استخدام الخصخصة كسياسة اقتصادية أو وسيلة عملية لإحداث تحول في اقتصاديات الدول فقد بدأ في ستينيات القرن الماضي، إِذْ إن كلمة الخصخصة تعني بحد ذاتها المنهجية في عملية تحويل كل من التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة التي تتبع التخطيط المركزي إلى التخطيط بالأهداف، ومن الإحصائيات الخاصة بالخصخصة فقد نما عدد الدول المطبقة لنظام الخصخصة من 12 دولة في عام 1988م إلى 88 دولة في عام 2000م، وكان أسلوب التدرج هو الغالب من 10 بالمئة مثلا في الصين إلى 50 بالمئة في بعض دول أمريكا اللاتينية».
وخلص إلى أن الخصخصة تعد نتيجة حتمية لتطور البلاد، وهدف استراتيجي لنقل الحضارات والعلوم والتكنولوجيا، وهي مسار سبقتنا فيه كثير من الدول، ومردودها في الغالب يظهر للعيان في مدة لا تتجاوز الخمسة أعوام، خصوصا إذا نفذ بمهنية عالية وشفافية كبيرة، حيث إن الدول تتنافس في الوقت الحالي على تقديم أفضل الخدمات بأسعار تنافسية وجودة عالية، من منطلق البقاء فقط للأقوى والأصلح، فقد أحرجت صناعة السيارات اليابانية، صناعة السيارات الأمريكية، كما بدأت الآن صناعة الإلكترونيات الكورية تسحب البساط من تحت الصناعة اليابانية، وتميزت الصناعات السعودية في البتروكيماويات على المستوى العالمي، والطريق مستمر لدول ستسحب البساط من تحت دول أخرى تحارب التغير والتطوير، فاليوم صناعة النفط هي مصدر الدخل الأساسي للدولة، ولكن بنظر القيادة الثاقب ستتغير أصول اللعبة، وسنرى مستقبلا تطورا كبيرا في شتى المجالات، خصوصا المجالين الاقتصادي والخدمي.