الجزيرة - الرياض:
أكد مستشار وزير البترول والثروة المعدنية الدكتور إبراهيم المهنا أن المملكة تعاملت بنجاح مع أكثر من ست فترات هبوط في أسعار البترول خلال السنوات الأربعين الماضية لم تترك إلا أثرًا محدودًا متوسط المدى على اقتصادنا أو مجتمعنا. وهذا هو الحال اليوم لأن حكومة المملكة قد وضعت سياسات اقتصادية حكيمة.
وقال: شهدنا العديد من التقلبات صعودًا وهبوطًا في أسعار البترول، وفي العرض والطلب على المدى القصير أيضًا، لكننا لم نشهد قط عجزًا مستمرًا في البترول أو تخمة في المعروض خارجة عن نطاق السيطرة.
وأضاف: أحصيتُ على مدى ستين عامًا أكثر من عشرين فترة صعود وهبوط لم تدم أيٌ منها أكثر من عامين، ولا تلبث السوق أن تستعيد أوضاعها العادية والمتوازنة.
وأوضح المهنا خلال القمة العالمية السابعة عشرة للبترول في باريس أن الدول والصناعات تعاملت مع هذه التقلبات بطرق مختلفة وفقًا لقدراتها واحتياجاتها ونظمها الاقتصادية والمالية العامة، ورأى أن هناك جهوداً كبيرة للحد من دور البترول في الاقتصاد العالمي منذ سبعينيات القرن الماضي لأسباب سياسية، ورغبةً في الحد من الاعتماد على استيراد البترول، وللإسهام في إيجاد بيئة أنظف، والتصدي لظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ. وفي الواقع، فقد أثمرت هذه الجهود عن نجاح للجميع، وأيضًا لمنتجي البترول. فلو لم تكن لدينا - على سبيل المثال - خطط كفاءة استهلاك الطاقة التي بدأتها دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أواخر السبعينيات، لوصل استهلاك البترول اليوم إلى ما لا يقل عن 140 مليون برميل يوميًا. ونتيجةً لهذه الخطط، وفر العالم أكثر من 45مليون برميل من البترول يوميًا. وتوسع هذا البرنامج ليشمل بقية بلدان العالم. وتابع: حققنا في المملكة نتائج جيدة عن طريق زيادة كفاءة استخدام الطاقة وخفض الهدر في استهلاكها.
ونتوقع أن نوفر ما لا يقل عن مليوني برميل من المكافئ البترولي بحلول2030م وفقًا لتوقعات الاستهلاك.
وأضاف مستشار وزير البترول والثروة المعدنية: كفاءة استهلاك الطاقة أمر جيد، لكنها ليست إلا عاملاً واحدًا من مجموعة عوامل أساسية تشمل أيضًا العرض والطلب والأسعار، فالبترول في نهاية المطاف سلعة كبقية السلع لا بد أن يعكس سعرها الواقع واحتياجات العملاء والموردين وتكلفة الإنتاج، وأن توفر عائدًا مجزيًا للاستثمار على المدى الطويل، غير أن البترول يتأثر بعوامل أخرى منها العوامل الجيوسياسية، وأوضاع السوق، والتصورات، والأهمية المتزايدة لسوق التعاقدات الآجلة والمحللين ووسائل الإعلام.
وتحدث المستشار المهنا عن تأثير أسعار البترول على الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أنه قد يبدو للوهلة الأولى أن المستهلكين سعداء بانخفاض الأسعار، لكن هناك مخاوف من الآثار السلبية المحتملة، خصوصًا على المدى الطويل، ومخاوف بشأن الجدوى الاقتصادية لمصادر الطاقة البديلة، ومخاوف أخرى بشأن تأثير تراجع الاستثمارات على مستقبل إمدادات البترول، وهي مخاوف حقيقية ومقلقة. وفي المحصلة النهائية، ستلحق الخسارة بالجميع.
وتشير غالبية التوقعات إلى أن الطلب على البترول سيزيد بمعدل 1.2 إلى 1.5 مليون برميل يوميًا هذا العام، وبمعدل مماثل في العام المقبل، إلا أن هناك تراجعًا في إمدادات الدول غير الأعضاء في أوبك وبعض الدول الأعضاء، وقد يصل إجمالي الانخفاض في الإمدادات إلى مليون برميل يوميًا في النصف الثاني من هذا العام، ومن المتوقع أن يستمر ذلك الانخفاض العام المقبل. وعلى الأرجح، ستبدأ المخزونات التجارية التي تراكمت في العامين الماضيين في الانخفاض في النصف الثاني من هذا العام، وسيتسارع الانخفاض العام المقبل.
كما تناول الدكتور إبراهيم المهنا اجتماع الدول المنتجة للبترول في أوبك وخارجها الذي عقد في الدوحة هذا الأسبوع، وقال إن إنتاج هذه الدول مجتمعة يمثّل نحو 50% من إجمالي إنتاج البترول العالمي وأكثر من 70% من حجم البترول المتداول دوليًا.
ورغم عدم التوصل إلى اتفاق، يبقى الباب مفتوحًا أمام التعاون في المستقبل، وستتم مناقشة الموضوع في اجتماع أوبك يونيو المقبل. وستواصل المملكة بالتعاون مع شركائها - السعي لتحقيق توافق الآراء من أجل الحفاظ على الاستقرار وتعزيز الثقة في المستقبل.