د. سليمان بن محمد العيدي
فقدنا خلال الأسبوع الماضي علماً من الأعلام السعودية إنه المؤرخ والمحَّدث والحافظ الأستاذ الدكتور عبد الله بن يوسف الشبل رحمه الله مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً.. كانت لي مع معاليه رحمه الله وقفات ومحطات في حياته إبان عمله في الجامعة أو بعد ما تفرَّع للبحث العلمي والإشراف على الرسائل الجامعية والتدريس.. كان متواضعاً طيَّب المعْشر حييّ الكلمة متُثّدْ الفكر نبيهاً يشعر بحاجةٍ من يأتيه فراسةً رحمه الله وقفت معه ذات يوم فسألني أنهيت الدكتوراه فقلت له إنها في مجلس الجامعة فردّ أبشر بخير.. وبعدما دخل رحمه الله في مرحلة المرض كنت ممن قصَّر كثيراً في الزيارة لكنه تعافى فترةً فالتقيت به بعد خروجنا من صلاة المغرب في إحدى أمسيات رمضان فقال لي على أي كتاب اعْتمدت اليوم في مسابقة رمضان ففهمت أنه يتابعني عبر شاشة التلفزيون فقلت أي الحلقات قال أوردت حديث (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.. إلخ) فقلت في صحيح مسلم قال هَدْفي أنه اختيار موّفق لمثل هذا الحديث وهنا عندما توفي رحمه الله أدركت مغزى ما يقول وأنه كان حريصاً على ما ينفع المسلم في حياته حتى يكون على دراية بدينه وعلمه، وقال حينها لو عقل الإنسان هذا الحديث لارتاحت نفسه وعمل واجتهْد ليوم الرحيل. رحمك الله شيخنا كيف كنت تنظر إلى الآخرة بهذا العمق والبعد الإيماني.
تذكرّت وأنا أقوم بزيارة لمنزل الشيخ عبد الله رحمه الله لتقديم العزاء ولمحت في وجه ابنه عبد العزيز وأبناء إخوانه وأقاربه كيف نظر إلى هذا اليوم بثقة المؤمن بربه الذي عمل لتكون هذه الأعمال فيما بعد رحيله رصيداً له فأنا ممن عرفت الشيخ أنه ذو علم وفير في الحديث والتاريخ وحافظة القرآن حينما كان يفتح على إمام الحي الذي بجوار منزله وأسهم في فتح مجال الدراسات العليا لكثير من الطلاب في وقته عندما كان مديراً لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فكثير من طلابه أبناءٌ يدعون له بإذن الله.
فقيد أسرة الشبل رحمه الله والد للجميع وعلم من الأعلام المعاصرين أسهموا في بناء أكبر منشأة جامعية عندما كان معالي د. عبد الله التركي مديراً للجامعة وكان هو المشرف الأول على هذا الصرح العلمي للجامعة التي تعد اليوم من أهم الجامعات السعودية ويضرب بها المثل.
فقدت الأسرة التعليمية والداً ومؤرخاً وأستاذ جيل كان عضواً في كثير من المجالس العلمية والجامعات السعودية وعضواً في مجلس دارة الملك عبد العزيز يحمل فكراً خيراً أضاء به لطلابه طريق التحصيل العلمي بكل قدرة وثقة. رحم الله فقيدنا معالي الدكتور عبد الله الشبل وأسكنه أعالي الجنان وألهم أهله وأسرته الصبر والسلوان و(إنا لله وإنا إليه راجعون).