أحمد فلمبان
لا شكَّ أن الفن التشكيلي السعودي أخذ حيزا كبيرا في المنظومة الإعلامية الثقافية وانتشر عالميا من خلال المعارض والفعاليات الفنية والأسابيع الثقافية السعودية، فكانت رسائل ناضجة للعالم الخارجي تُشكل مفهوماً جديداً يُدعى «الدبلوماسية الثقافية» تُعزز الحوار المشترك مع دول العالم من خلال تبادل الأفكار وترسيخ القيم الإِنسانية وتجسّد المشهد المعرفي في مجتمعنا للآخرين، وتعزز الحوار الذي تقوده المملكة في كل أنحاء العالم لنشر السلام والتعاون بين الشعوب لخير الإِنسانية، ومن هذا المنطلق أخذت وزارة الثقافة والإعلام التي تمثل الصوت المميز للوطن خارج الحدود الجغرافية وتحمل تجربة مديدة لبث الواقع السعودي وخلفياته التاريخية للآخرين، بالحضور الثقافي السعودي في الخارج، من خلال إقامة الأسابيع الثقافية السعودية للتعريف بالمنجز الحضاري السعودي، التي فوضت بالمهمة إلى وكالة العلاقات الثقافية الدولية القيام بتنظيمها، وتحقيق توجهاتها لترسيخ أهدافها، كمناسبة إشعاع ثقافي تنقل للمجتمعات الأخرى عمق التاريخ السعودي ومخرجاته، والتي هي قنوات إعلامية مباشرة في تقديم الشخصية السعودية ومكوناتها المادية والثقافية، وتنقل لهم من خلال المقارنة النقلة النوعية مع الأفكار الجديدة سواء في الإنتاج الثقافي والأدبي والفنون والفلكلور على مستوى الثقافة والمعرفة.
ومع بداية هذا العام، بدأت إدارة النشاطات الثقافية الدولية بوكالة الوزارة، في الإعلان مسبقا عن المعرض التشكيلي ضمن الأيَّام الثقافية السعودية في إندونيسيا لجميع الفنانين والفوتوغرافيين، ومخاطبتهم بوسائل الاتصال المتاحة، فكان حدثا فريدا ومفاجأة لم نعهده في السنوات السابقة، واستبشرنا خيرا بهذه الخطوة الجديدة الجديرة بالتقدير والثناء، والنقلة في التعامل الحيادي، للخروج بالمشاركات التشكيلية في تمثيل ما يمكن انتقاؤه والاختيار الأمثل والأفضل لحقيقة الفن التشكيلي المحلي بمستوى يليق بسمعة الوطن وثقافته، وتفادي أخطاء الماضي وما حدث في كثير من المعارض التشكيلية السعودية التي أقيمت في فترات ماضية أساءت للفن التشكيلي السعودي، يحددها شخص واحد في القرار والاختيار، والسرية والكتمان والسرعة والاستعجال، والتباين في الأعمال الفنية وتواضع مستواها والغبن الفني وحرمان الفرص والثقة في من يمكن ترشيحهم للحضور أو المشاركة، ولم تُؤخذ فيها آراء الفنانين الذي بح صوتهم عبر الصحف بإعادة النظر في المشاركات التشكيلة الخارجية، أفقدت كل الإنجازات الرائعة عن التشكيل السعودي.
لفتة جديدة وجديرة بالاهتمام والتقدير، من المنسقين للأيَّام الثقافية السعودية في إندونيسيا، بالاتصال والمتابعة والتأكيد على وصول الدعوات، بما يكفل علم الجميع وحث أكبر عدد من الفنانين والفنانات للمشاركة، ومحاولة التنسيق المبكر، لأن الهدف الأسمى ترسيخ مفهوم الأسابيع الثقافية ودورها التعريفي والتثقيفي، والأخذ بأهميتها لمقارعة الإعلام الغربي الحجة بالحجة.
الشكر والتقدير لجميع المنسقين والقائمين في إدارة النشاطات بوكالة العلاقات الثقافية الدولية، لهذه الخطوة التي طال انتظارها في سبيل تحسين المعارض التشكيلية والمشاركات الخارجية وأهمية تفعيلها وتقديم صورة جيدة عن الفن التشكيلي السعودي، مبروك للجميع على هذه البادرة والتنسيق المبكر على النحو الذي يكفل العدل، لا ينقصها المستوى أو الفنانين المجيدين لمناسبة كبيرة كهذه يحلم بها كل فنان، وعلينا جميعا العمل بجدية في سبيل تقديم الأفضل والفوز بالمشاركة بما يليق الفعاليات الدولية، لأن مطلبنا ظهور التشكيل السعودي خارج الوطن إلى المستوى الراقي لنموذج عن حركة تشكيلية، يواكب واقع وتيارات العولمة بأفقها الواسع ومتطلباتها الفكرية المتطورة ومستواه وتميزه والقيمة الفنية وبٌعدها الفلسفي التي تعطي الصورة المشرّفة والمُشرقة للفن التشكيلي السعودي، فالمشاركة في هذه الفعاليات حلم كل فنان وحق مشروع لكل عمل إبداعي يمثل التشكيل السعودي، لأن الأمر يهم «مصلحة الوطن» وهو فوق كل اعتبار لأن نجاح «الفن التشكيلي» انعكاس لواقع ثقافة ووعي المجتمع، وما وصلت له الثقافة من تطور حتى باتت أحد العلامات البارزة في التاريخ الوطني، وبالتالي امتدادا لنهضة وتطور المملكة، وهو مطلبنا وغاية أملنا وطموحاتنا، خاصة أن وزارة الثقافة والإعلام المسؤولة عن هذه الفعاليات تضع أقصى الإمكانيات والدعم من أجل الوصول إلى تلك الأهداف التي تمثل واقع التشكيل السعودي، فهو واجهة حضارية لا تقل بأي حال عن أي من روافد الثقافة السعودية، واعتباره سفيراً بصرياً لا يحتاج لمترجم يُنظر له بعين الاعتبار كجزء من ثقافة وحضارة الوطن.
- فنان وناقد تشكيلي