د.دلال بنت مخلد الحربي
العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية علاقات متجذرة في التاريخ، فارتباطهما التاريخي من خلال الأرض فطالما كان غرب المملكة ومصر يكونان ضمن دولة واحدة خلال الدولة الأموية والعباسية والفاطمية والأيوبية والمماليك والدولة العثمانية، كان ذلك قبل أن تبدأ الدولة الوطنية التي عرفها العالم العربي في العصر الحديث.
وبداية العلاقة بين الدولتين بكيانهما الوطني المعروف كان في أيام الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي زار مصر في عام 1365 هجرية الموافق 1946 ميلادية والتقى بالملك فاروق وقضى اثني عشر يوماً في زيارتها، وتوالت الزيارات بين زعماء الدولتين منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم بهدف توثيق العلاقات وأصبحت هذه العلاقة هي المقياس لتقارب العالم العربي أو للانشقاق.
ومثلت المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ثقلاً ملموساً واضحاً على المستوى العربي والعالمي..
أما على الصعيد المحلي فقد كانت مصر رافداً أساسياً لدعم الحركة التعليمية والثقافية في المملكة إبان توهج الحركة العلمية والثقافية في مصر نفسها فأدباء المملكة كانت المجلات المصرية هي من يحرصون على اقتنائها ويقرؤون للعقاد والمازني وطه حسين وغيرهم من الأسماء الكبيرة في تلك الفترة.
والمدارس السعودية شهدت آلاف المصريين وكذلك الجامعات فإلى فترة قريبة كانت جملة من الأساتذة الكبار والأسماء العلمية المميزة يدرسون في الجامعات السعودية خاصة الكبيرة منها مثل جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز وجامعة أم القرى.
كما أن مجموعة من رواد الحركة الثقافية والتعليمية في المملكة تلقوا تعليمهم الجامعي والعالي في مصر قبل تأسيس الجامعات السعودية أو في مراحل تكوينها الأولي، وأدى هؤلاء دوراً كبيراً في المسارين التعليمي والثقافي في المملكة.
ومن جانب آخر كان المصريون ينتشرون في المؤسسات والدوائر الحكومية في أعمال كالمحاسبة وموظفين وغيرها، وبالمقابل ظلت المملكة داعماً أساسياً لمصر سياسياً واقتصادياً، كما أن آلاف المصريين الذين كانوا مع أسرهم تلقوا التعليم في المدارس والجامعات السعودية وكثير منهم ولد هنا وانتمى بحكم الولادة والنشأة إلى المملكة، بل وتأثر بعضهم باللهجة المحلية، حيث كانت نشأته. وجاءت زيارة الملك سلمان اليوم لمصر لتقوّي تلك العلاقة القديمة وثمرة هذه الزيارة المهمة ستظهر فيما بعد عندما يبدأ استخدام جسر الملك سلمان البري ليربط للمرة الأولى بعد أن أغلق المسار البري بين آسيا وإفريقيا بعد شق قناة السويس ولا شك أن هذا الجسر هو أهم نتائج هذه الزيارة إلى جانب الاتفاقيات الأخرى المحددة والتي تدور في جوانب كثيرة منها التعليمية والثقافية والاقتصادية وستكون جميعها سنداً للدولتين وتعمق العلاقة بينهما.