مع اقتراب موعد وقف إطلاق النار في اليمن، الذي حددته الأمم المتحدة في العاشر من شهر إبريل الجاري، والذي يعتبر تمهيداً للمشاورات اليمنية المزمع عقدها في الـ 18 من الشهر نفسه في العاصمة الكويتية، وإبداء لحسن النوايا بين الأطراف اليمنية، لفتح صفحة جديدة ترسم ملامح ومستقبل اليمن الجديد، عنوانها السلام والوئام في ربوع اليمن السعيد، ترتكز على الانصياع التام للقرارات الدولية، أهمها القرار 2216 والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، تتجلى في الأفق ملامح اقتراب الحل السياسي في اليمن الذي يتطلع اليه اليمنيون بفارغ الصبر، لما تمر به اليمن منذ أكثر من عام من وضع مأساوي ومستوى معيشي مزري، جاء نتيجة انقلاب الحوثي والمخلوع صالح على الشرعية وجر اليمن إلى حرب راح ضحيتها الآلاف من المدنيين.
بعد نحو عام من انطلاق عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية في اليمن، والتي مثلت نقطة مضيئة في الأفق العربي وكسرت حاجز الخضوع والخنوع الذي ساد الأمتين العربية والإسلامية لقرون لتعيد الأمل إلى ملايين العرب والمسلمين، نستطيع القول إن عاصفة الحزم قد اقتربت من تحقيق كامل أهدافها في اليمن، ونجحت في توحيد الصف العربي ووضع حد للأطماع والمشاريع الخارجية المعادية التى تهدد الأمن والسلم العربي وتسعى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وتقوض مساعي البلدان العربي في عملية الإصلاح والتطور والنهوض، وذلك بإفشال المشروع الصفوي والأطماع الفارسية في المنطقة، من خلال تحالف عربي تأسس بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وبقيادة المملكة العربية السعودية والذي مثل نقطة انطلاقة حقيقية للعمل العربي والإسلامي المشترك لخدمة قضايا الأمة ومواجهة التحديات.
إن اليمن وبالرغم من المعاناة والألم الذي مر به البلد وعانى منه الشعب طوال فترة سيطرة الانقلابيين على السلطة واحتلالهم للمدن والمؤسسات وممارساتهم لأبشع الانتهاكات والجرائم بحق اليمن ارضاً وإنساناً، ها هو اليوم يتنفس الصعداء بفضل دعم ومساندة الأشقاء في دول الخليج العربي، ويقف على اعتاب مرحلة جديدة من تاريخه الحديث، لبناء دولة اتحادية تسود فيها العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد، وذلك مع اقتراب موعد الحل السياسي الذي إذا ما صدقت النوايا والتزم الانقلابيون في تنفيذ القرار 2216 سيكون بداية لمرحلة جديدة من تاريخ اليمن ليعود كما كان سعيداً.
إن المواطن اليمني وهو يعيش اليوم مرحلة من التطلع والأمل لغدٍ مشرق ومزدهر يتجاوز خلالها آلام وجراح الحرب، هو في امس الحاجة إلى من يقف إلى جانبه ويسانده ليستعيد ثقته بنفسه ويمضي بثبات وثقة وعزم نحو الأمام دون الالتفات إلى الخلف إلا لأخذ الدروس والعبر، وهو دور يتطلع من اشقائه وجيرانه الذين وقفوا إلى جانبه خلال الفترة الماضية وقدموا لأجله الغالي والنفيس، القيام به، والاستمرار في دعمه، وألا يتركونه في منتصف الطريق، فيأخذوا بيده نحو المستقبل، ويستمروا في دعمه ومساندته حتى يقف اليمن على أقدامه مجدداً، ويتجاوز محنته وآلامه وأحزانه، ويستعيد مكانته بين الأمم، ويزول عنه الخطر، والمرض الذي استفحل فيه مؤخراً، وهو ما لن يتأتى من دون توفر ضمانات حقيقية، يجب على الأشقاء والمجتمع الدولي أن يفرضوها خلال المشاورات المرتقبة في الكويت بما يكفل عدم تكرار ما حصل، وتضع حد لرغبات ونزوات أي طرف لتنفيذ أجندته الخاصة أو تنفيذ مشاريع ومخططات خارجية تضر بالوطن وبالمنطقة.
إن دور دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية في الفترة القادمة لا يقل أهمية عن دورها السابق لدعم اليمن والوقوف إلى جانبه، وذلك بدعم الحل السياسي وتوفير متطلبات نجاحه ومتابعة تنفيذه ولعب دور محوري وأساسي في مرحلة إعادة الإعمار والتنمية ودعم الاقتصاد اليمني وإعادة اليمن إلى مساره الصحيح في الجسد الخليجي والعربي.
- بشير عبدالله