القصيم - تركي الفهيد:
قال أستاذ المناخ المشارك بجامعة القصيم الدكتور عبدالله المسند «للجزيرة» حول فواتير شركة المياه الوطنية الأخيرة أنها تذكّرنا بشركة الاتصالات السعودية، عندما حدّدت التقديم على الجوّال بـ10 آلاف ريال حتى أنه لا يوجد من لم يتعوذ منها آنذاك، مؤكداً على أن الأمن المائي مقدمٌ على الأمن الغذائي.. مشيراً إلى أن تصحيح خطأ استنزاف المياه الجوفية بسبب المشروعات الزراعية عبر جيب المواطن معادلة غير صحيحة، قائلاً: دعوا المواطن أبو نصف بوصة وعليكم بالمزارع التجارية.
وأردف المسند قائلاً: وفقاً لحساب أجريته قبل نحو 5 سنوات، فإن مساحة الأراضي المزروعة بالنخيل تكفي سكان السعودية حتى 2037م، وما ذاك إلا لكون الماء مجاناً للمزارع.. وأضاف: إذا كان الهدف من وضع تعرفة استهلاك المياه هو الحد من استهلاك المياه الجوفية، فلماذا لم يبدأ العمل من الاستهلاك الزراعي، الذي يمثل 85 % من استهلاك المياه الجوفية. وتساءل المسند: لماذا المزارع التجارية الكبرى تلعب بالمياه الجوفية بالمجان؟ وتزرع فوق أديم الترب الصحراوية عالية المسام، وتروي محاصيلها طول العام بل في وقت الظهر حين يتعاظم البخر إمعاناً في التبذير والاستهلاك لكون المياه مجانية.. مشيراً إلى أن معظم القائمين على المزارع هم عمالة لا يعرفون المتطلبات المائية اليومية.
مضيفاً للتساؤل: لماذا لم تبدأوا بوضع عدّادات في المزارع التجارية -بعضها تمتلك أكثر من 200 بئر- قبل المساكن -ذات نصف بوصة-، لافتاً إلى أن مزرعة واحدة في القصيم تستهلك كمية مياه لري النخيل تقدر بـ8 مليارات لتر سنوياً، وهذا يعادل ما يستهلكه سكان القصيم في شهر كامل، وتساءل: لماذا تحلى المياه بأعلى الأسعار ومن ثَم تستخدم للسيفونات التي تمثل 40 % من الاستهلاك وغسيل البيوت وري الحدائق؟.. هل المواطن هو المسؤول عن خطأ كهذا أم وزارة المياه..؟!.
وتابع: لماذا بعض المدن تدفع نظير حصولها على الماء، وبعض المدن تنعم بماء مجاني على الرغم من كون مصدر الماء واحداً؟ أين العدل في هذا؟.. مقدماً اقتراحاً بتحديد معدل الاستهلاك اليومي الطبيعي للفرد، وبشكل دقيق؛ ثم تُعطى كل أسرة حقها من اللترات اليومية حسب عددهم مجاناً ومَن يتجاوز هذه الكمية فهو مسرف، ومتعدٍّ وعليه يدخل في تعريفة عالية جداً تردعه عن تجاوز الحد الطبيعي.
وأوضح المسند: أننا بهذا أكرمنا المواطن بحقه من المياه المجانية، وردعناهم في الوقت نفسه عن الإسراف، مشيراً إلى أن 30 % من سكان السعودية وافدون، وبالتالي الفكرة لا تنسحب إلا على العائلات السعودية فقط، وصارح وزارة المياه قائلاً، إن كان في السعودية شح في المياه الجوفية فهو بسبب المشروعات الزراعية التجارية، وليس من المواطن «أبو نصف بوصة».
وفي نهاية حديث الدكتور المسند نبّه إلى أن تخبط شركة المياه قائلاً: فاتورة استهلاك المياه الأخيرة لا أفهمها إلا خطأً تقنياً، لم تعترف به الجهة المسؤولة، ولم تعتذر عنه!.