في 29-8-2014م وفي حفل اعتماد سفراء جدد في الرياض خاطب الملك عبدالله -رحمه الله- السفراء بأنه يجب محاربة الإرهاب «الشرير بالقوة والعقل والسرعة».
وأوصاهم بنقل أفكاره حول الإرهاب إلى زعمائهم بكل أمانة وصدق من أجل التكاتف عالمياً لمحاربة هذا المرض..كان صريحاً كعادته، ولم يُظهر رأياً للعلن وهو يُبطن رأياً آخر في مثل هذه الأمور.
كان صادقاً مع ربه ونفسه، والعالم كله يشهد على ذلك.
وحذّر الملك الراحل السفراء وكل من يسمع بأن الإرهاب المدمر لن يقتصر بجرائمه على هذه المنطقة فحسب ولا على دين أو مذهب معين أو جنسية، بل أكد أنه بعد شهر سيصل إلى أوروبا وبعده بشهر إلى أمريكا. وماذا حدث بعد ذلك؟.. نامت أوروبا آمنة تلك الليلة وما تبعها من ليالٍ، واستبعدت حتى الاستعداد الجيد لمحاربة الإرهاب.
لا بل أوت بعض دعاة التطرف تحت غطاء حرية الرأي وحقوق الإنسان المزيفة. وكانت تعتقد أن الشر الذي حذر منه الملك لن يصل شواطئها، واكتفت بالشعور أن هذا الإرهاب يخص منطقتنا فقط، وأوحت للناظر بأن هذا الشر هو خاص بمنطقة بذاتها ممن تؤمن بدين معين وتتصف بصفات خاصة تختلف عن أوروبا لا، بل ظهرت آراء غريبة، في الغرب وكأنها تقول: الإرهاب شر يخص المسلمين فقط، وبأنه يقتل منهم فدعهم يتقاتلون بعيداً عنا، ونسوا أو تناسوا ما قاله الملك الراحل.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية فرأيها لم يختلف كثيراً عن الأوروبيين إلا بشيء واحد وهو أن رئيسها لا يفتأ ولا يهدأ من القول ليلاً ونهاراً بأنه يجب محاربة الإرهاب، ويعقب ذلك بأنه لن يضع جنوداً أمريكيين على الأرض لمحاربته.
نحن وأمثالنا الصادقون دفعنا الثمن، ولا زلنا ندفعه علناً بدمنا ومالنا وسلامة مجتمعاتنا لمحاربة الإرهاب.. وغيرنا يقبعون ظناً منهم بالأمان إما خلف شواطئ البحر الأبيض المتوسط أو المحيط الأطلسي. حتى وصلهم ما حذّر به الملك عبدالله -رحمه الله- حين بدأ طوفان البشر الهاربة من جحيم الإرهاب سواء كانت داعش وأخواتها مصدره، أو بشار الأسد وحلفاؤه. وعقدت الاجتماعات، وظهر زيف دعاة حقوق الإنسان وديموقراطية الغرب ما عدا زعيمة ألمانيا التي أبت أن تغلق حدود بلادها في وجه اللاجئين.. أما من تدعي بأنها بلاد المهاجرين، الولايات المتحدة الأمريكية، فقد قام إعلامها باتهامنا نحن أهل السعودية والخليج خاصة والعرب عامة لأننا لم نستقبل أحداً من اللاجئين، لرفع العتب عن الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت عن اقتصار قبولها لعدة آلاف من اللاجئين موزعين على مدى سنتين.. فجوبهوا بحقيقة الملايين التي التجأت إلى السعودية والخليج والأردن ولبنان وتركيا.. إلى آخره.. وفي أثناء اجتماعات زعماء أوروبا لحل مصيبة اللاجئين فجع العالم بحمامات الدم في باريس وكاليفورنيا؛ وأخيراً في بروكسل.. وكشفت هذه المجازر كم كان الغرب نائماً، ويفتقد حتى إلى التنسيق بين قواته المؤتمنة على أمنه وسلامته.
وها هي بلجيكا أخيراً تعترف بأنها كانت بطيئة جداً بأخذ تحذيرات تركية حول من اكتشف فيما بعد بأنه أحد الإرهابيين, على محمل الجد. وطبعاً تضامن زعماء العالم مع بلجيكا وشجبوا التفجيرات وختمها «السيد أوباما» في تصريح له بالأرجنتين.. لم يكن الإنسان الخير الصادق عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-.. يمثّل حين حذر العالم، ودائماً ما كان يشدد على الحاجة بسرعة باتحاد العالم لمحاربة الأرهاب؛ ولم يكتف بالقول فقط.
ولقد فعل ودولته الكثير لمحاربة الإرهاب علنا وخفية، وهو الذي تألم وانفجر غضباً علنا أمام العالم حين سمع أن الإرهابيين نشروا نصائحهم وتعاليمهم اللا إنسانية بأنه يجب على المملكة العربية السعودية أن تدس فايروس نقص المناعة «الإيدز» بالأدوية مع المساعدات التي أرسلتها على وجه السرعة إلى إيران حين ضربها زلزال مدمر.. فخلقه العربي الأصيل ودينه الإسلامي الحق ووطنيته السعودية ومدّه اليد لعون المصاب والمستجير وإنسانيته النبيلة أبت عليه إلا أن يشارك العالم ألمه وشجبه لهذه النصائح التي لا تمت للإسلام بشيء، فهو ليس كمن ادّعى محاربة الإرهاب وهو يدس المتفجرات مع حجّاجه ليفجّر الحرم المكيّ ومن فيه من الحجّاج.
بقلم د. فيصل صفوق البشير المرشد