محمد عبد الرزاق القشعمي
تأخرت الطباعة في الرياض والمنطقة الشرقية من المملكة بل والخليج العربي كافة رغم أن المطابع قد دخلت صنعاء في اليمن ثم مكة المكرمة والمدينة المنورة في وقت مبكر، أثناء الحكم العثماني، ففي صنعاء دخلت المطبعة عام 1294هـ الموافق 1877م، وبعد ست سنوات تقريباً دخلت المطبعة مكة المكرمة عام 1300هـ/ 1882م، وبدأت طباعة الكتب والتقاويم (السفرنامة)، ثم بدأت في إصدار الصحف والمجلات بتاريخ 8-10-1326هـ الموافق 3-11-1908م بصدور جريدتي (حجاز) ثم (شمس الحقيقة) بمكة وغيرها في المدينة وجدة في العام التالي.
أما المنطقتان الوسطى والشرقية من المملكة فقد تأخرت معرفتهما بالمطابع لسبعة عقود أو أكثر؛ إذ عرفت الدمام المطبعة في حدود عام 1373هـ/1954م، عند ما أسس عبد الله الملحوق وعبد العزيز العيسى مع غيرهم (شركة الخط للطبع والنشر والترجمة) بالدمام، وكانت حاجة المنطقة لوجود مطابع حديثة لطباعة متطلبات شركة (آرامكو) وغيرها من الشركات للأوراق والدفاتر الرسمية والمنشورات استدعت تأسيس هذه الشركة، ومنها جاءت فكرة إصدار جريدة (الظهران)، ثم تغير اسمها من العدد السابع لتصبح (أخبار الظهران) - والتي رأس تحريرها وإدارة الشركة عبد الكريم الجهيمان - والتي طبعت أعدادها الأولى في بيروت قبل أن تطبع في مطابع الخط بالدمام من العدد 13 وتاريخ 15-12-1374هـ الموافق 4-8-1955م. وفي عام 1374هـ/1955م أسس الشاعر خالد الفرج مطبعة أخرى باسم (المطابع السعودية) بالدمام، وطبعت أول ما طبعت جريدة (الفجر الجديد) في يوم السبت 11 رجب 1374هـ، وتوقفت بعد صدور العدد الثالث في 9 شعبان 1374هـ الموافق 2 أبريل 1955م. وهكذا بالنسبة للرياض عاصمة المملكة فلم تؤسس فيها مطابع قبل النصف الثاني من عام 1374هـ/1955م. إذ كانت مجلة (اليمامة) تطبع بالقاهرة (دار مطابع الكتاب العربي) بدءاً من شهر ذي الحجة عام 1372هـ/أغسطس1953م، وتنقلت بعد ذلك بين القاهرة ومكة وبيروت. حتى تأسست مطابع الرياض، وتم طبع أول عدد من المجلة (اليمامة) في شهر رمضان 1374هـ. وكان لتأسيس هذه المطبعة قصة يرويها الشيخ حمد الجاسر في العدد الأول من جريدة (القصيم)، أنه عند صدور العدد الأول من مجلة (اليمامة) أخذ نسخة منها ليهديها إلى الأستاذ محب الدين الخطيب، بصفته أحد الأدباء العرب البارزين، والذي سبق أن رأس تحرير جريدة (القبلة) بمكة المكرمة أثناء حكم الشريف حسين بن علي، واستقر بالقاهرة ليصدر مجلة (الفتح). وعندما قابلة الجاسر وسلمه العدد الأول من (اليمامة) هنأه وقال له: «لن يكتب الخلود لأي مطبوعة ما لم يكن إلى جوارها مطبعة». ولهذا عاد الجاسر إلى الرياض ليفتح باب المساهمة لإنشاء أول مطبعة في الرياض.
وحتى المطبوعات الأولى في الخليج العربي كانت تطبع في الخارج، فمثلاً عندما أصدر عبد العزيز الرشيد مجلته الأولى (الكويت) عام 1346هـ/1928م طبعت في المطبعة العربية لخير الدين الزركلي بالقاهرة. ومثلها مجلة (صوت البحرين) الصادرة في البحرين في ذي القعدة سنة 1369هـ طبعت أول ما طبعت بمطابع دار (الكشاف) ببيروت، من العدد الثاني لشهر ذي الحجة 1369هـ لعدم تمكن مطبعة المؤيد بالبحرين من استمرار طباعة أعدادها التالية.
وبتأسيس أولى المطابع في الدمام والرياض، بدأت المطابع تغزو المدن الرئيسة الأخرى في المملكة، وبالذات في عشر الثمانينيات الهجرية (الستينات الميلادية)»، بدءاً من جيزان فالطائف فبريدة فالخبر فأبها فعنيزة فالأحساء وحائل والباحة .. إلخ. وكلها مطابع خاصة لطبع الدفاتر وبطاقات الدعوة للمناسبات، وأن تطورت فيما بعد وحُدّثت لطبع الكتيبات والنشرات.