فهد بن جليد
إذا كنت أنت (المُضيف) فأنت المسؤول عن تجليس ضيوفك في الأماكن المناسبة لهم، ونجاح هذه المهمة هو جزء من معايير نجاح مناسبتك، على الأقل هذا ما يُخبرنا به فن الأتيكيت، كجزء من الاحترام والتقدير، وهي المسألة الأكثر إحراجاً في معظم مناسباتنا اليوم، لعدم التزام الضيوف بمراسم التّجليس.
مثل هذه التفاصيل لم نكن نهتم بها سابقاً لوجود (عقد مجتمعي)، وعُرف غير مكتوب، ينظم مثل هذه المسألة دون تدخل من المعزب، فالصغير يترك مكانه لمن هو أكبر منه سناً أو قدراً، وهكذا الناس يتسابقون لتقدير بعضهم البعض، أما اليوم فهذه القضية مؤرقة جداً ومُحرجة وكأنّ الكراسي (حلبة صراع) الجلوس عليها (للأوقح)، بل إن ترك المكان لثوانٍ معدودة من أجل السلام على شخص آخر، أو الذهاب لقضاء حاجة، يعني مُصادرته من ضيف آخر (بكل برود)، على طريقة (لا ملكية لأحد في مجلس) .
الخاسر الأكبر هو (المعزب)، وللأسف في معظم مناسباتنا لا يتم الانتباه لهذه التفاصيل إلاّ وقت الحفل، وهو ما يسبب الخصومات، والفهم بعدم التقدير أو الإكرام، في حال لم يجد ضيفٌ مكاناً مناسباً، أو في حال طُلب من ضيف إفساح المجال لضيف آخر، أو ترك المقعد له.
في أمثالنا العامة نقول (محدٍ يحقر نفسه) فكلٌّ يعتقد أنه الأحق بالجلوس في المكان الأفضل، لذلك تجد أنّ الكراسي في حالة (تدوير مستمر) مع توافد المدعوين، فمن كان في صدر المجلس أول المناسبة، سيزحف تدريجياً لتجده قريباً من الباب في نهايتها، لأنه ببساطة اختار المكان الخطأ وغير المناسب له.
المشكلة تبقى في المهوسين بمكان الجلوس، أحدهم لا يحضر مناسبة قبل أن يرسل شخصاً يصل قبله، ويتأكد من أنّ المكان المُخصص يعكس مكانته وتقديره ورصيده في البنك، بل ويجلس فيه المندوب ليضمن عدم احتلاله من المتطفلين حتى يصل (المعزب)، ما قول إلا (حكيم يا شيخ)!.
وعلى دروب الخير نلتقي.