أحمد محمد الطويان
نحب الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان لأسباب كثيرة، أهمها أنه ابن رجل من أنبل الرجال، له في قلوب السعوديين مكانة كبيرة، هو صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة -رحمه الله-، ولأنه يمثل الإمارات إلى جانب أخيه رئيس دولة الإمارات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد -شفاه الله-،
وسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات. ولبلاده مكانة عالية واحترام كبير لمواقفها الطيبة، وأخوتها الصادقة مع المملكة. والأخوة الحقيقية تظهر في الأوقات الحرجة.. ولأن الإمارات الكبيرة وقفت في صف شقيقتها الكبرى السعودية في وجه كل التحديات السياسية والأمنية والعسكرية، وكانت إلى جانب القرارات السعودية، وفي الخندق نفسه، ولم تعتبر نفسها بعيدة عن همومنا وآمالنا في الشأن الإقليمي والدولي ولو للحظة.
تعرف السعودية جيدًا أن أختها الإمارات تعرف معنى الأخوة، وأنها لا تنظر لعلاقتها مع السعودية بمنظور مصلحي أو كما تُبنى العلاقات بين الدول في الغالب، بل كانت تشبه العلاقة بالسعودية بالجسد، وهذه نظرة «زايد بن سلطان» التي ورَّثها أبناءه ورجال الإمارات الكبار.. ففي عام 1979 تحديدًا فكر الخليجيون بتكتل سياسي واقتصادي وعسكري؛ لتواجه هذه الدول التحديات، والعيون كانت على السعودية لتقود الفكرة إلى النور. كان مؤسس الاتحاد الإماراتي الراسخ الشيخ الراحل زايد بن سلطان صاحب المبادرة، ووضع يده بيد الملك الراحل خالد بن عبدالعزيز والملك الراحل فهد بن عبدالعزيز حتى يتحقق الحلم، وتحقق بعزمهم ومعهم أصحاب الجلالة والسمو قادة دول الخليج العربي. كان القرار الأهم الذي غيّر وجه الإقليم، وأسس لأهم تكتل عربي، واجه كل المصاعب، وانتصر على نفسه وعلى كل المهددات.
كان موقف المملكة منذ تأسيس دولة الإمارات هو دعم هذا الكيان، وتقويته، واعتباره عضدًا قويًّا لدول المنطقة، وتحقق لهذا الكيان التفوق السياسي والاقتصادي، وأصبح صوتًا قويًّا في المنطقة والعالم، ولم تمر العلاقات بين البلدين في أي فترة من الفترات بجمود أو توتر، ولكن - بلا شك - كانت هناك اختلافات على مستوى الفنيين والتنفيذيين في شؤون ليست جوهرية أو مهمة، وكان القادة في البلدين يتجاوزونها، ويقفون في وجهها بحسم، وهذه طبيعة العلاقات المتنامية التي لا يقف في وجهها أي عائق من الوارد حدوثه أو مواجهته في العلاقات الثنائية.
منذ 2011 واجهت الدولتان أمواجًا عاتية، وتغلبتا على المصاعب والمتاعب، ولم تتنازلا، وكانت قضيتهما الأمن العربي، وتأمين الخليج، والحفاظ على المصالح والمكتسبات، وواجهتا الرغبات الشاذة في تغيير التركيبة السياسية، والعبث بالمنطقة. أما 2015 فكان عامًا مميزًا ومهمًّا، عندما قررت السعودية مواجهة الإرهاب الحوثي في اليمن، وإعادة الشرعية، وإعادة البناء السياسي للجمهورية اليمنية.. تقدم رجال سلمان بن عبدالعزيز بشجاعة، ومن الثانية الأولى جاء رجال خليفة بن زايد بهمة وعزيمة يتسابقون على الشهادة، ويتوقون للنصر الذي بات قريبًا جدًّا، ومعهم رجال أشداء من قطر الغالية والبحرين الحبيبة والكويت العزيزة وكل دول التحالف العربي الدولي.
في تمارين «رعد الشمال» العسكرية التي اختتمت في حفر الباطن شاهد السعوديون على شاشات التلفزيون ملكهم المحبوب سلمان بن عبدالعزيز وقد أحاط به إخوانه القادة العرب والمسلمون، ومن بينهم القائد الشهم الشيخ محمد بن زايد. وفي مشهد تحرر من كل قواعد البروتوكول، كما هي دائمًا لقاءات الأشقاء في الخليج، نهض الشيخ محمد ليفتح قارورة الماء التي همّ مليكنا بفتحها. مشهد يروي كل من أظمأه التساؤل عن طبيعة العلاقات السعودية الإماراتية.
لا أنسى عندما دُعيت ضمن مجموعة من الكتّاب السعوديين في احتفالية تكريم مليكنا الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ضمن فعاليات جائزة الشيخ زايد للكتاب، وتسنى الالتقاء بسمو الشيخ محمد، وتحدث خلالها سموه عما يربط الإمارات بالسعودية، وقال نصًّا وبتواضع الكبار: «عبدالله بن عبدالعزيز وسلمان بن عبدالعزيز تيجان تزين رؤوسنا»، و»إن ما يربطنا بالمملكة أكبر بكثير مما يتوقعه البعض». وقلت له «نحن في السعودية لا تكتمل وطنيتنا إلا في المحبة والانتماء لخليجنا، والإمارات في قلوب الشعب السعودي الذي يعتز بكم وبمواقفكم وبتقديركم لرموزنا الكبار».
كيف لا نحب محمد بن زايد وهو شبيه والده زايد في العقل والرجولة والصدق، وهو من يشمخ بنا، ويعتز بعلاقته الإنسانية التي تتعدى كل حدود السياسة والدبلوماسية وأعرافهما بقيادتنا ورموزنا.. ومن يخدش هذه الصورة الرائعة ليس منا، ومن يتعدى حدود الأدب والتقدير في الحديث عن الإمارات ورموزها الكبار لا ينتمي لثقافتنا ولا يمثلنا.
حفظ الله السعودية والإمارات، وحمى الله الخليج العربي.