سعد السعود
كان يا ما كان فريقا مُهابا.. اسمه الشباب.. كان شيخاً من علية القوم.. يتناول بشراهة الذهب في حين يمارس البقية الصوم.. كان مفوهاً جداً فعندما يتحدث في الميدان.. يصمت الجميع إما مرغمين لبلاغة أقدام لاعبيه أو مستمتعين لبديع ما يرسمه من مثلثات ومربعات حد الافتنان.. الكل مبهور بما يقدم حتى الحكم.. لتُسمع سمفونياته من به صمم.
كان يا ما كان فريقا مُهابا.. اسمه الشباب.. يملك من الرجال كُثر.. رمز وأعضاء شرف ورؤساء ومحبين بلا حصر.. لم يدعوه يوماً يعاني.. حتى في أقسى وعكاته كان الكل يتسابق على التفاني.. فإن تثاءب منهم رجل.. كان البقية أشبه بصخور الجبل.. لتتكسر على عزيمتهم التحديات.. ويعود النبض لقلب الليث وتُبعث فيه الحياة.. لم يجعلوه يوماً عرضةً للأعاصير.. لم يدعوه وحيداً يترنح في المسير.. ولسان حالهم وعضو الشرف مع الرئيس يتكاتف ويؤيد : إذا غاب منّا سيد قام سيد.
كان يا ما كان فريقا مُهابا.. اسمه الشباب.. يملك من النجوم أبهى عقد.. حتى أنك تحتار من تسمي من فرد.. من جيل السمار والرومي والرزقان والعويران .. وصولاً لجيل زيد المولد الفنان وعطيف أخوان.. كان العزف الشجي هوايتهم.. وشباك المنافسين دوماً ضحيتهم.. فرسموا من اللوحات أجملها.. وحصدوا من البطولات أثمنها.. ليصدح الشبابي ولا يبالي : الأرض أرضي والزمان زماني.
كان يا ما كان فريقا مُهابا.. اسمه الشباب.. طرّز جسد المنتخب بأثمن جواهره.. لتكون بصمتهم السبب الأهم لظهور الأخضر في مونديال أمريكا بأجمل مظاهره.. وعندما عاندت بطولة الخليج السعوديين لأعوام.. حتى أصبح الحصول عليه أشبه بالأحلام.. كانت المصافحة الأولى لبطولة الخليج بقيادة ابن الشباب وأحد رجاله.. فتعملق فؤاد أنور هدافاً لم يضاهه وقتها لاعب في مجاله.. لننشد جميعاً: وبورك في الشباب الطامحينا.
كان يا ما كان فريقا مُهابا.. اسمه الشباب.. وآه من كان هذه.. فعل ماضٍ ناسخ لأجمل حكاية، ووصف بليغ لحال عاشق يهذي.. فالمُهاب.. أصبح في مهب الريح.. والشباب.. أصبح كالليث الجريح.. ولم يعد يملك من مطبب سوى زاد الذكريات.. لعلها تخفف شيئاً من حاد الطعنات.. فتاريخه العظيم يجعله يتعالى على الألم.. وحاضره المخجل لم يترك له مجالاً للأمل.
كان يا ما كان فريقا مُهابا.. اسمه الشباب.. للأسف عُدم في هذا الزمان الداعمين أوكاد.. فالكل يتفرج على حاله وهو يتنفس بالكاد.. فبعدما كان العاشق بفخر يردد : نحن الشباب لنا الغد ومجده المخلد.. فجأة ضاقت اليد.. فلا محب مقتدر يجد.. لا يلوح بالأفق أحد.. ليردد العشّاق بكمد : وظلم ذوي القربى أشد مضاضة.. على المرء من وقع الحسام المهند.
كان يا ما كان فريقا مُهابا.. اسمه الشباب.. تبدل به الحال.. فماذا عنه يُقال: شحت في اللاعبين المحليين المواهب.. وأصبح مسيروه يتفننون في اختيار المقالب من الأجانب .. ليمزق المحبون نوتة معزوفته.. فالملحن مل والمطرب كل والشاعر سئم وحتى الجمهور المحب تعب من سماع النشاز في وصلته.. ليردد العشّاق بكآبة : أليس لهذا الليل الطويل من نهاية.
أخيراً، كان يا ما كان فريقا مُهابا.. اسمه الشباب.. لن ينعم بالعودة.. إلا عندما يخلع الرجال حوله عباءة الكسل ويمدوه بالدعم والعدة.. ولن ينعم بالمنجزات.. إلا عندما ينفض اللاعبون عنهم غبار اللامبالاة ويقدمون التضحيات بدلا من مقاطع السناب وأنواع القصات.. ولن ينعم بالفكر.. إلا عندما يتم استقطاب مدير فني كفء مقتدر.. وحتى يستفيق القوم من سباتهم ويوفروا كل ما سبق.. كل ما أخشاه على الليث فيما هو قادم الغرق.. وعندها سننعي شيخاً كان ملء السمع والبصر.. كان يا ما كان هو مبتدأ المجد والخبر.. وأصبح بفعل أبنائه ماضياً مجهولاً في الأثر!
آخر حرف
ألا ليت الشباب يعود يوماً....!