سعد السعود
رغم ما تواجهه البلاد من تحديات.. ورغم ما يتقلده سمو ولي العهد من مسؤوليات.. رغم كل مهامه الجسام ومسؤولياته العظام.. إلا أن سمو ولي العهد أبى إلا ويشارك أبناءه الرياضيين فرحتهم.. فتوج الحفل بحضوره احتفاليتهم.. فأنار الدرة بابتساماته.. واحتضن أبناء الشهداء بقبلاته.. وقلد الفريقين بالميداليات بمعية توجيهاته.. ليكون ختام البطولة ولا أجمل.. ولتكون تفاصيل الحدث هي الأكمل.
فاز الهلال بالذهب ولا جديد.. فالمستغرب أن يذهب لغيره فذاك سيكون هو الحدث الفريد.. أما وقد ذهبت البطولة لزعيمها فذاك أمر معتاد مهما تغيرت (الأسامي).. حتى أصبح الهلال والبطولة أشبه بالتوأم السيامي.. كيف لا وجينات الذهب تستوطن جسد الزعيم.. ودماء البطولة زرقاء رغماً عن التحكيم.. فحق لجماهيره أن تتباهى.. بهذا الرقم البطولي الخرافي الذي لا يضاهى.. ليجعل الهلال لا ينافس إلا نفسه.. بعدما أدمن الذهب ونفيسه.. وترك للآخر مشاهدة التتويج وطقوسه.
تخلى دونيس عن قناعاته.. أو ربما أجبرته إصابة ديقاو على الخروج من عباءة تكتيكاته.. فعاد الهلال بدراً بعدما عانى الخسوف في آخر مبارياته.. وبزغ فجره بعدما تخبط في ظلماته.. خلع المدرب عنه معطف العناد.. فظهر الهلال بأبهى عتاد.. بسط سيطرته على المنافس منذ الدقائق الأولى.. لنردد منذ البداية: (لون هالليلة هلالي).. اختفت الخطة التي تقييد اللاعبين فعاد الزعيم ليجرّع الآخرين الأنين.. سجل هدف ووصل الرقم لاثنين.. ولولا الراية بعد مشيئة الله لكان الثالث رصاصة الرحمة في جسد الأهلاويين.
غزا الجمهور المدرج.. وغزت الروح اللاعبين ليحضروا بكل توهج.. عملت الإدارة بجد لتخرج الفريق من خسارة التعاون.. قالها نواف بن سعد مع هذا الجمهور لا للتهاون.. فبدأ أن الهلال احتل الدرة.. في حين أن الأهلي لم يحضر بعد من جدة.. حتى خيّل للمشاهد وكأن أرضية الميدان مائلة تجاه مرمى القلعة.. وكأن لاعبي الأهلي تم تنويمهم مغناطيسياً فلم يقووا على المواجهة.
حضر ناصر الشمراني وهذا ديدنه في المواعيد الكبيرة.. دوماً بصمته حاضرة وحضوره طاغٍ في الأمتار الأخيرة.. فالنهائيات لعبة الزلزال بلا أدنى جدال.. قص شريط الأهداف مبكراً من البداية.. وصنع الثاني لنواف العابد بكل مهارة.. وتدخلت راية العبكري لتؤدي ثالث أهدافه بعدما ركنها في الزاوية.. ليؤكد الشمراني أنه متى كان هنالك كأس في الملعب.. كان هو المتحدث الرسمي للأهداف وعرّاب الذهب.
أخيراً، هكذا كان سيناريو ليلة التتويج.. فاز من استحق.. وخسر من لم يقدم الأداء ويصنع الفرق.. وكتب مرعي ورفاقه شهادة جديدة على فشل عمر المهنا في لجنته.. فتعددت الأخطاء حتى كادت أن تسلب المنتصر بطولته.. ولا أدري كيف ستكون ردة الفعل لو حدث ذلك وتحول مسار الذهب لغير ناحيته.. ومن سيعوض عنق المتضرر بحرمانه من قلادته.. كفى عبثاً بالصافرة فقد مللنا هذا الصداع المزمن.. وسئمنا من تخبطات قضاة الملاعب منذ زمن.. أما آن الآوان للرحيل.. وحان الوقت لتُعطى الفرصة لغير هذا الجيل.
الشلهوب حكاية من ذهب
احترم المنافسين فأحبوه رغم اختلاف الأهواء وتعدد الألوان.. واحترم موهبته فأحبته الألقاب والأرقام.. أخلص في الملعب فتمت مكافأته بأكبر كعكعة من الذهب.. ليكون الرقم الأول في تحقيق الإنجازات بالملعب.
28 بطولة حققها كرقم قياسي للاعب واحد طوال مسيرته.. و11 كأس لسمو ولي العهد كان حاضراً في منصته.. ليكون الرقم الصعب والحكاية التي لا تتكرر.. حكاية خالدة لنجم حفر اسمه في قلوب الجميع ونثر على عشب الملاعب عطاؤه البديع.. ليكون عنواناً للموهبة والخلق الرفيع.