مثقفون: ملتقى النص 14 حلقة «التأثير» بين إرهاصات الحداثة وما بعدها ">
جدة - استطلاع - صالح الخزمري:
أبدى عدد من المشاركين في ملتقى قراءة النص الرابع عشر المنعقد بجدة شكرهم لنادي جدة الأدبي على التنظيم الدقيق والشمولية التي قامت عليها محاور الملتقى، والاختيار الموفق للنادي لحقبة الثمانينات لتكون مجالاً خصباً للحوار والمناقشة حولها.
- بداية يصف الكاتب والباحث محمد القشعمي الملتقى بأنه كان فرصة طيبة لالتقاء مجموعة من الباحثين في هذا الملتقى الرابع عشر، بدعوة كريمة من النادي الأدبي الثقافي بجدة على مدى ثلاثة أيام تخللها، واستفتحها رائد من رواد الحركة الأدبية في المملكة وهو الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين الذي كان له دور مهم في تجربتنا الصحفية المبكرة وقضى 28 سنة في رئاسة النادي.
فأغلب من شارك كان طرفاً في تلك الفترة، أذكر منهم الأساتذة محمد مريسي الحارثي ومحمد الربيع، والناقدين المشهورين سعد البازعي وسعيد السريحي، والأخيرين ممن طالتهم سهام التقليديين في وقتها. والآن عندما يطرح مثل هذه الفترة بما صاحبها من مد وجزر وأخذ ورد تجاوزت الصحف إلى المنابر والكتب، فيكفي أن يطلع الجيل الجديد على لمحات مما كان وقتها قبل ثلاثة عقود لهي جديرة بالدراسة والتحليل، إذ إن نشرها بعد تمحيصها مفيدة كدرس لمرحلة مرت، وكل جديد لا بد أن يتعرض للنقد والمعارضة.
الآن وقد انجلى الغبار واتضحت الرؤية سيكون الطريق ممهداً للاستمرار في تخطي الصعاب والعقبات إلى مستقبل أفضل.
أشكر النادي على اختيار هذا المحور، وقد كانت لي مشاركة متواضعة عن (جائزة الدولة التقديرية في الأدب) كونها بدأت وتوقفت خلال الفترة 1400 - 1410هـ وأقيمت لمرتين: 1403 و1404 ثم توقفت للمراجعة والتقويم، وقد فاز بها ستة من الأعلام، تحدثت عنها كومضة تفاؤل بدأت وتوقفت على أمل عودتها بعد تنويعها كجائزة تشجيعية وأخرى تقديرية، تحدثت عن هذه الفترة لكوني شاهد عيان، إذ كنت في الأمانة العامة للجائزة إضافة لعضويتي للجنة الثقافية، فلعل الحديث عنها يعيد حالنا بشكل أفضل.
- ويعتبر د. عبد الله الحامد - الأكاديمي بجامعة الملك خالد - أن الملتقى بأوراقه ومداخلاته كان مدخلاً مهماً لقراءة وتقويم مرحلة مهمة من مراحل تاريخنا الأدبي من حيث حضورها في الذاكرة الجماعية بما اشتملت عليه من تباينات وتجاذبات وبما أفرزته من جهود نقدية متنوعة. شكراً لنادي جدة الذي فتح هذه النافذة المهمة، وكم نحن بحاجة إلى تواصل هذه اللقاءات التي تكشف جوانب مهمة من تفاصيل الحركة النقدية ما كان لها أن تغيب.
لاحظت أن الملتقى اتجه أحياناًً نحو بحث عن آباء للحداثة جدد، غير د. الغذامي، وهي دعوات عاطفية، لا جدل في مشروعيتها إذا قدمت من خلال طرح علمي يتبنى مفهوماً للحداثة، ويعلن الأبوة بعدها...
- في حين يشيد د. حمد السويلم - رئيس نادي القصيم الأدبي - بملتقى قراءة النص، ويقول إنه يمثل موسماً ثقافياً وحدثاً أدبياً مهماً. وكان اختار في دورته الرابعة عشرة الحركة الأدبية والنقدية التي أنجزت في مطلع القرن الخامس الهجري.
وفترة الثمانينات الميلادية تعد مرحلة مفصلية في الحراك الأدبي والنقدي. ففي بداية الثمانينيات نشأت في مصر مجلة النقد الأدبي «فصول» التي فتحت نوافذ عقولنا على الفكر النقدي الغربي وتأثيراته على الأدباء العرب.
وقد عكف المشاركون في هذه الدورة على تفكيك الحداثة المحلية وتجلياتها في الإبداع والنقد من خلال ما يزيد على ثلاثين ورقة بحثية. وكان حديث المشاركين تركز حول النقد الحداثي الذي كتب في الفترة المحددة وتعاملوا مع هذا المنجز بوصفه خطاباً مفتوحاً قابلاً لقراءات متعددة.
فتعددت المداخل وتنوعت المواقف وتلونت الأحكام، وهذا يدل على ثراء المرحلة المحددة للملتقى. وهذا النجاح يؤكد فاعلية الأندية الأدبية والدور الأدبي والحضاري الذي تنهض به رغم الكتابات المحبطة ورغم الإمكانات المحدودة. فشكراً لنادي جدة الأدبي. وهنيئاً لرئيس مجلس إدارته ولأعضائه.
- وتقول د. كوثر القاضي - الأكاديمية بكلية اللغة العربية بجامعة أم القرى - تصدى ملتقى قراءة النص في نسخته الرابعة عشرة لمراجعة حقبة الثمانينات من القرن الميلادي الماضي؛ التي تعد مرحلة ثقافية مهمة في المكون الأدبي السعودي، لكن قراءة هذه المرحلة يجب أن تتم بصدق وتجرد من المجاملات؛ حتى نستطيع أن نكتب تاريخ ثقافتنا وأدبنا بالشكل الصحيح؛ فمعظم رموز الحداثة عندنا لم يقدموا الأثر المطلوب المرجو منهم على مستوى الإبداع، لكن القراءات كالت لهم المديح، وجعلت منهم أبطالاً لا يُشقّ لهم غبار، كما أن الاهتمام انصبّ على أسماء بعينها، وتجاهل أسماءً أخرى جديرة بالدرس، لكن الحظ لم يحالفهم بصداقة هذا الناقد أو ذاك!
إن نتاج مرحلة الثمانينات يحتاج إلى إعادة تقييم بواسطة قراءات جادة بعيدة عن المجاملة والمحاباة.
كان ينقص الملتقى ندوة خاصة بشهادات رواد الحداثة، يقدم فيها هؤلاء شهادات عن المرحلة وعن إنجازاتهم فيها، والظروف التي أحاطت بكل ذلك.
- ويشكر الشاعر علي الشريف نادي جدة الأدبي على إقامة هذا الملتقى الذي أصبح من الشهرة والرسوخ بمكان
ويضيف الشريف بقوله ويتميز ملتقى النص برؤية تتجدد وكذلك جوانب تبعث مما يضفي على الحراك والتفاعل
ويتمنى أن يبقى هذا الملتقى كما هو يلتقي فيه الباحثون والمهتمون من أهل الأدب والثقافة ويتناول جوانب وزوايا ووجوه من تاريخ الأدب في بلادنا المملكة العربية السعودية وعالمنا العربي الكبير.
- وتصف الناقدة والكاتبة منى المالكي ملتقى النص بأنه تجمع ثقافي بامتياز، له أصالة تغري كثيراً بالحضور والتواصل الدائم وفي كل مرة هناك الجديد والمبدع حضورا من نقاد وناقدات رموز أو من خلال حوارات جادة ومسؤولة
والملتقى لهذا العام متجاوز كثير في الطرح فقد فتح الأفق كثيراً ورفع السقف عاليا، فشكرا لنادي جدة الأدبي وشكرا لأعضائه إدارة وجمعية عمومية.
وأخص بالشكر والامتنان راعي الملتقى الأستاذ سعيد العنقري الذي أثبت بتواصله النبيل والكريم أن المال عندما يملك عقلا مفكرا نصل معا لتحقيق طموحات كانت أحلاما جميلة.
- مكانة الملتقى يشخصها الكاتب والإعلامي نايف كريري عندما يرى أن مثل هذا الملتقى العريق يعد اليوم واحداً من أهم الفعاليات التي لها تأثير على الحركة الثقافية في السعودية، وهو عبر سنواته الطويلة ناقش كثير من القضايا المتعلقة بالثقافة والأدب على مستوى المملكة والعالم العربي، وحضور موضوع الحداثة وحقبة الثمانينات في هذه الدورة للملتقى كان من باب المراجعة والنظر في تلك المرحلة التي شهدت تجاذبات كثيرة، وهو أمر مهم في هذا الوقت للمراجعة والنظر والحوار بشكل عقلاني وهادي يسهم في معرفة كثير من إسهاماتها وسلبياتها وإيجابياته وهو ما شهدناه في كثير من الأوراق والبحوث التي قرأت تلك المرحلة للخروج بتصور شامل حولها.
كما أرجو منك أن يستمر انعقاد مثل هذا الملتقى في السنوات القادمة لينهض بقضايا أخرى ويناقش مشكلات أوسع من قضايا الأدب تتعلق بقضايا الثقافة في مفهومها الشامل والواسع.
- ويشيد د.حسين المناصرة - الناقد المعروف وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود - بالملتقى ويقول ينبغي تأكيد مسألة مهمة، وهي أن ملتقى قراءة النص الرابع عشر، يعد من أهم دورات هذا الملتقى، بالنظر إلى أنه يقرأ الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية، في أشد مراحل المشهد الأدبي حراكًا، وهو مشهد حداثة ثمانينيات القرن الماضي، فهذه السنوات العشر (1980 - 1989) هي عقد المفارقة في الأدب السعودي بين قديمه وجديده، دون إغفال إرهاصات ما قبل الثمانينيات التجديدية.
فلم أستمتع في أي ملتقى، كما استمتعت بملخصات الأوراق، وما جرى في الجلسات من حوارات؛ لأن كثيراً مما قدم كان من خضم تجربة الثمانينيات، وكأنّ ما قدم يعد شهادات بحثية، ومن ثمّ كانت الأوراق مختصة في موضوع الملتقى، ولم تخرج عنه.. ومع ذلك لا بدّ من أن نعترف بأنّ هناك قضايا كثيرة عن هذه المرحلة لم تطرق أو تناقش؛ لأنه يصعب حضورها في ظل تعدديتها، خاصة أن التركيز كان منصبًا على جنسي الشعر والنقد عمومًا.
وينبغي أن نشير أيضاً إلى أن مسلكية التنظيم والتواصل والفعاليات كانت مميزة، وهي تؤسس لثقافة حوارية، ومنفتحة على كافة التيارات والاتجاهات، وهذا مما يحمد لنادي جدة في مسيرته الثقافية بصفته مؤسسة ثقافية تضع في أولوياتها بناء ثقافة إبداعية ونقدية ومعرفية محلية أصيلة، ولها أبعادها العربية والعالمية.
ولكون الثمانينيات ما زالت بحاجة إلى درس ومناقشة يرى د. المناصرة أنّ هناك جوانب عديدة تحتاج إلى أن يفتح مجالها في دورات الملتقى القادمة، في سياقاتها الثقافية والأجناسية والريادية.. وأن يتاح المجال لنقاد جدد، يمكنهم أن يضيفوا إضافات نوعية، إلى ما سبق أن كتبه النقاد المخضرمون.