د. صالح بكر الطيار
كتبت منذ أعوام عن أهمية وجود غرف تجارية خليجية أجنبية تقوم بمهامها وأعمالها لخدمة دول مجلس التعاون وتعكس الرؤى والأهداف الإستراتيجية المتحدة لهذه الدول خصوصاً في ظل التحديات المشتركة التي تواجه الدول والمصير الاقتصادي الذي يتضمن عدة عوامل مشتركة, وكما نعلم أن الغرف العربية الأجنبية المشتركة تحظى بتمويل كبير ورئيس من دول مجلس التعاون العربية الخليجية لذا فمن الأولى والأمثل وخصوصاً في هذه المرحلة تأسيس غرف خليجية- أجنبية مشتركة تعمل تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون أسوة بمنظمات العمل الخليجي المشترك مثل اتحاد غرف الخليج العربية بالدمام ومركز التحكيم التجاري لدول الخليج العربية بالبحرين.
إنّ وجود مثل هذا الكيان الاقتصادي وتحديداً في هذا الوقت سيمثل تركيبة مميزة للاقتصاد الخليجي وركيزة عالمية أساسية، ومن حق هذه الدول أن تنشئ هيكليات تكون على مستوى قدراتها وإمكانياتها، وترتقي إلى مستويات طموحاتها, وعلاقاتها خاصة في علاقاتها مع الدول الغربية عامة ومع دول الاتحاد الأوروبي خاصة.
وبما أن الدعوة أطلِقت في وقت سابق إلى إنشاء اتحاد خليجي فمن الأجدى أن نواكب هذه الطموحات لإنشاء غرف خليجية - مشتركة تخاطب العالم بلغة خليجية مشتركة واحدة, وبمصلحة موحدة وبعمل متحد متوائم.
إن وجود مثل هذه الغرف الخليجية الأجنبية المشتركة سيسهم بشكل فاعل في توحيد الأهداف المستقبلية لاقتصاد دول الخليج ووضع تمويلها في قنوات تعود عليها بالمصلحة الاقتصادية الكبرى خصوصاً في ظل الظروف السياسية الراهنة وأهمية, وضرورة اتحاد دول الخليج لمواجهة التحديات والحملات الإعلامية الظالمة التي تواجهها.
وأرى ومن خلال خبرتي كأمين عام لعميدة الغرف العربية المشتركة (لغرفة العربية الفرنسية) منذ12 عاماً كأول خليجي يتولى الأمانة العامة لغرفة عربية أجنبية مشتركة, إن وجود مثل هذه الغرفة في ظل التحديات ستسهم في وجود الدول الخليجية حاضرة من خلال منظمات المجتمع المدني بكثافة والغرف التجارية المشتركة تعتبر إحدى تلك المنظمات كعنصر من عناصر الضغط للدفاع عن مصالحنا السياسية والإعلامية المشتركة.
وبطبيعة الحال وبنظرة إلى إيرادات الغرف العربية التجارية الأجنبية الآن فإن دول الخليج تدعم ما نسبته 80% من تمويلها مما يعكس أهمية اعتماد هذا الإيراد في خدمة هذه الدول بتخصيص أكثر, فيما لو أنشئت الغرف الخليجية الأجنبية مما سيسهم في إثراء العلاقات الاقتصادية فيما بينها وتدعيم الرؤية الواحدة لاقتصاد هذه الدول وإثراء الجوانب الاقتصادية والاستثمارات وخلق فرص واعدة للمستثمرين الأجانب في الخليج وإيجاد مظلة تجارية اقتصادية تمثل الخليج على خارطة الدول تدعم اقتصادها وتوحد جهودها وتدعم استثماراتها في الخارج وتخلق مناخ من العمل والتخطيط بما يخدم دول الخليج والتعريف بها وبسياساتها الاقتصادية ويدعم عمل الملحقيات الاقتصادية في السفارات وأيضاً يدعم الجانب المعرفي الاقتصادي للدول ويسهم في تكوين صورة إيجابية ومتطورة عن الاقتصاد الخليجي ويجعل الإيرادات التي تضخها دول الخليج مساهمة في دعم مساراتها الاقتصادية مع الدول الأجنبية مما يعزز ثقافة جديدة للتخطيط الاقتصادي الإستراتيجي ويدعم الوحدة الكبيرة والتعاون المميز الذي تشهده العلاقات بين دول المجلس على كافة الأصعدة وفي مختلف الميادين. أتمنى أن تدرس أمانة مجلس التعاون هذا المقترح وأن يكون على طاولة اللجان المتخصصة فيها بل ورفعه إلى اجتماعات القمة الخليجية التي تولي الاقتصاد الخليجي المشترك جل اهتمامها في ظل توحد الجهود وتقارب الأهداف واشتراك المصالح ووحدة التوجه في الاستثمار الخارجي, مما يسهم في تنويع الاقتصاد ورفع دعائمه والحصول على امتيازات أكبر في الاستثمارات الخليجية والإسهام في تدعيم وقوة الاقتصاد الخليجي عالمياً وتوائم أجنداته خارجياً وإسهامات إيجابية متعددة.