عبد الله باخشوين
بلا شك أن مسيرة (عبدالله - ناصر).. أو (القصبى - السدحان) التي بدأت وتواصلت دون انقطاع باشتراكهما في مسلسل (طاش ما طاش) منذ عام 1992 في التلفزيون السعودي ومن ثم انتقالة لـ(M.B.C) وحتى توقفة. كان لها أكبر أثر في تطور مسيرة الحركة الفنية.. ونكاد نجزم ونقول إن كل نجوم الحركة الفنية السعودية الحالية هم أبناء ولدوا من خلال مسيرة (عبدالله - ناصر).. ومثلما حدث عقب نجاح مسرحية (مدرسة المشاغبين) لعادل إمام التي تحول أبطالها سعيد صالح وأحمد زكي ويونس شلبي إلى نجوم يلعبون أدوار البطولة المطلقة في السينما والمسرح باستثناء (صبحي الجيار) الذي اكتفى بالنجاح الذي تحقق له.. أراد كثير من المشاركين في مسلسل (طاش ما طاش) الاستقلال ولعب أدوار البطولة في مسلسلات وبرامج خاصة بهم.. نعترف أنها أثرت الساحة بحكم تعدد القنوات الفضائية وزيادة الطلب على أعمال الدراما السعودية لأسباب إعلانية موجهة للمستهلك السعودى بالدرجة الأولى؛ إلا أن هذا لم يحقق المنافسة المطلوبة.. ولم يتأثر (طاش).. أو ينزل عن موقع صدارته.. ولم يحقق أبطال الدراما السعودية النجومية التي كانوا يطمحون لتحقيقها ولم يتطوروا أو يثبتوا خطاهم في المستوى الفني الذي انطلقوا منه لكنهم تراجعوا جميعاً ولم يبق أحد يذكرهم إلا من خلال ما يعاد عرضة من حلقات مسلسل (طاش).
لذا يجب أن نقول.. أن مفاهيم البطولة (المطلقة) قد تغيرت وتغير مفهوم (الثنائيات) التي كان اخرها (عبدالله - ناصر) ولم يتبلور أو يكتمل مفهوم (الثلاثيات) الذي أراد أن يفرضة عامر الحمود. هذا التغيير في مفاهيم العمل الفني ليس مادياً فقط.. بحكم اختلاف شروط الإنتاج والاحتكار والتسويق ودراسات الإقبال الجماهيري والإعلاني وصل إلى تحديد مفهوم النجومية في ضوء شروط أنتاج ترتبط بالنقاط التي سبق ذكرها.. وهو أمر يؤدي إلى ضرورة أيجاد (تكتلات) فنية جماعية.. وجمع عدد كبيراً من الأقطاب والنجوم في عمل فنى كبير يضمن الالتفاف حوله تجارياً وجماهيرياً.
وبالعودة للفن العالمي.. نذكر جميعاً سلسلة الأفلام التي اجتمع فيها عدد كبير من النجوم مثل براد بيت وكولوني ومات ديمون وجوليا روبرتس وغارسيا.. في أدوار (متوازنة) بعيدة عن أنانية النجوم لأنتاج أعمال في مواجهة الاجتياح الإلكتروني الذي جعل افلام (الكمبيوتر) تكتسح أسواق العرض بتكاليف مالية متواضعة.. قلصت أجور النجوم وكادت تحيل بعظهم إلى التقاعد المبكر.
غير أن إيجاد تكتلات فنية جماعية.. يحتاج -في رأي- إلى تغيير نمط التفكير الفني السائد والذي يعتمد تقديم قصص مستقلة تشكل في مجموعها حلقات المسلسل.. ودون أن نغفل عن إشكالات الإنتاج الفني والتي تتمثل في عدم وجود كٌتاب موهبين ومحترفين في كتابة الإعمال الدرامية التلفزيونية.. والمسرحية أيضاً لكن لا بد من خوض مغامرة إنتاج مسلسلات من ثرثين أو أربعين حلقة قادرة على إعطاء نجوم العمل مساحتهم الفنية بطريقة متوازنة تضمن لهم إبراز مواهبهم وقدراتهم.
أقول هذا لأنني اتجه بتفسيري للقول بضرورة إنتاج عمل تلفزيونى ضخم.. عمل (ملحمي) إن صح التعبير.. عمل مستمد من الواقع وليس مبنياً على المبالغة والخيال. فكرة هذا العمل يمكن تلخيصها على النحو التالي:
- قبل الدخول في التفاصيل يجب أن نسترشد بالتجارب الفنية الكبيرة والكثيرة التي حققت نجاحا فنياً وجماهيرياً كبيراً خاصة في دولة رائدة مثل مصر، حيث انتجت أفلاماً ومسلسلات كثيرة جداً عن الحروب التي خاضتها مصر، سواءً
في الجيش أو في الصراع مع المخابرات الأسرائيلية، أو في مواجهة أجهزة القمع الداخلية ضد المواطن في المرحلة الناصرية والساداتية وما بعدها.
وهذه الأعمال لم تكتسب مصداقيتها إلا من خلال قيام كتابها بأعداد المادة الدرامية.. عن طريق العودة للمصادر الأصلية لها في أرشيف سجلات الجيش والأجهزة الأمنية المعنية.
وفي بلادنا نشيد كل يوم -تقريباً- بما قامت وتقوم الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب.. ونرى على شاشة التلفزيون جانباً من العروض لتدريبات القوات الخاصة وبالتأكيد فإن لدى مختلف أجهزة وزارة الداخلية المعنية بقضايا الإرهاب آلاف الملفات لقضايا (منتهية)، تشمل افراداً وجماعات تم تضليلها.. وفي طيات الأحاديث والاعترافات هناك ما يمكن أن نستخلص منه موضوعات حقيقية وحية يمكن أن نبنى عليها أحداث أكثر من مسلسل عن المغرر بهم وعن مآسي أسرهم وعائلاتهم.. وأسرار عملهم وتعاملاتهم؛ ليس هذا فقط.. بل يمكن الاستعانة ببعض رجال وقادة القوات الخاصة لإعادة تصوير المداهمات وعمليات الإنقاذ.. بإدخال عدد من الممثلين المعنيين بأدوار رجال الأمن.
بعد تدريبهم وتأهيلهم لتأدية الحركات الخطرة.. على أن تتم كتابة نص المسلسل بإشراف جهات الدلخلية وضمان موافقتها على أحداثه.. بل ويمكن لوزارة الداخلية أن تسهم في إنتاجه. ومثل هذا العمل يمكن ترجمته وأهداؤه لتلفزيونات الدول الإسلامية للحقائق والقيمة الدرامية والفنية التي يحملها.. فلا شيء يضمن نجاحه وانتشاره سوى صدق الأحداث التي يرويها لأنها مستقاة أو مستلهمة من مصادرها وليست مجرد تخريف وتحريف من عمل الخيال.
هذا ما نأمل أن يقوم به تكتل فني كبير يستثمر نجومية النجوم.. في عمل أقل ما يقال عنه.. أنه عمل وطني كبير يوثق لإنجاز أمني محلي وعربي غير مسبوق.