جاسر عبدالعزيز الجاسر
تختتم اليوم في مدينة الملك خالد بمنطقة حفر الباطن المناورات التي اشترك في إجرائها عشرون دولة عربية وإسلامية، إلى جانب قوات درع الجزيرة.
المناورات التي حملت اسم (رعد الشمال) حملت العديد من المستجدات، فإضافة إلى ما شكلته القوات المشتركة في المناورات من كثافة في الأعداد، إذ لم تشهد المنطقة العربية مثل هذه الكثافة العسكرية منذ حرب عاصفة الصحراء التي انتهت بتحرير دولة الكويت، يومها كانت في منطقة حفر الباطن حتى الحدود مع دولة الكويت نصف مليون جندي من 34 دولة شاركت في عاصفة الصحراء، واليوم تشهد المنطقة حشداً عسكرياً آخر يضم أكثر من مئة وخمسين ألفاً. وهذه القوات تختلف عن سابقاتها بأنها تُصنَّف كقوات تدخل سريع، وأن عقيدتها القتالية ونهجها في خوض المعارك تعتمد على السرعة والتحرك بمرونة. ويعزي المحللون العسكريون أن هذا الأسلوب القتالي تعتمده القوات في مواجهة التنظيمات العسكرية غير النظامية، إذ يعدُّ الأسلوب الأمثل في مواجهة العصابات والمليشيات والمنظمات الإرهابية. وخوض التمارين العسكرية والمناورات للجيوش النظامية لإعداد قواتها لمواجهة مثل هذه التنظيمات الإرهابية يُعدُّ مواكباً لما تشهده المنطقة من اشتباكات جميعها أشعلتها المليشيات والتنظيمات الإرهابية، كما أنها تشغل الكثير من الجيوش النظامية في بلدان كثيرة جميعها تقريباً من الدول العربية والإسلامية، فإضافة إلى تهديدات المليشيات في دول الخليج العربية اشعلت المليشيات الإرهابية العديد من الحروب، حيث تشتعل هذه الحروب في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وليبيا ومصر والسودان ومالي، وهناك معلومات بأن موجة الحروب التي أشعلها الإرهابيون عن طريق المليشيات الإجرامية ستكون عنوان المرحلة القادمة، وأن هناك أكثر من بلد عربي وإسلامي مرشح لاستهدافه بحروب الإرهاب التي تشعلها المليشيات، ولهذا فإنَّ اشتراك عشرين دولة عربية وإسلامية في مناورات وتنفيذ تمارين عسكرية لمواجهة حرب العصابات والمدن والتدريب على كيفية مواجهة إجرام المليشيات الإرهابية، والتوصل إلى أفضل الصيغ والسبل لوضع شبكة من الاتصالات وتبادل المعلومات هو ما تحتاجه الدول الإسلامية في هذه المرحلة التي تشهد استهدافاً مركزاً موجهاً إليها.
واليوم إذ يشهد قادة الدول الإسلامية وقادة جيوش الدول المشاركة في المناورات ورؤساء الأركان اختتامَ هذه المناورات التي شكلت رسالة واضحة وقوية لمن يقف خلف تلك المليشيات والجماعات الإرهابية ويقوم بتمويلها ومدِّها بالسلاح بل ويرسل مدربين لقيادة عملياتهم، رسالة تؤكد استعداد وجاهزية الدول المشاركة في هذه التمارين العسكرية، وأنها قادرة على إحباط مؤامرات الدول الممولة والمشكِّلة للمليشيات، وأنها على استعداد لمواجهة ليس فقط المليشيات الإرهابية بل وحتى الجهات الدولية التي تدفعها لارتكاب الإجرام وتنفيذ العمليات الإرهابية.
ورسالة واضحة مفهومة لمن وظَّف المليشيات لإشغال الدول العربية والإسلامية وخصوصاً دول الخليج العربية ومنعها من القيام بواجبها بالدفاع عن القضايا العربية والإسلامية، والرسالة توضح أن الدول الإسلامية مجتمعة ستقف وقفة واحدة لمواجهة شرور وأضرار ومخططات من يوظف المليشيات الإرهابية، وأن الأنظمة الداعمة للإرهاب لن تكون بمنجى من عقاب المسلمين كافة، والذين على استعداد لبتر اليد الآثمة حتى وإن كانت من أعضاء الجسم الإسلامي، إذ إن الجميع يعلم أن من يدعم الإرهابيين من مليشيات وجماعات طائفية هم من ينتمون إلى المجموعة الإسلامية، وهؤلاء رغم زعمهم بالدفاع عن المسلمين يمارسون أعمالاً إرهابية في أكثر من بلد، ويدعمون المليشيات الإجرامية لتنفيذ مخططات خاصة بهم تتعلق بأطماع عنصرية وأهداف مذهبية.