يعد الحفاظ على المباني والمواقع التراثية أمراً في غاية الأهمية؛ لما تمثله تلك المباني من سجل لذاكرة التاريخ بما تحتويه من قيم ثقافية وتاريخية. ونظراً لتعرض المواقع التراثية بالمملكة لتهدمات بالغة نتيجة للأمطار وعوامل التعرية الأخرى، وكذلك هجر الأهالي لهذه المباني نتيجة التطور الطبيعي للحياة دون عمل صيانة دورية أو ترميم لمواقع التراث العمراني والمباني التراثية، أدى ذلك إلى زيادة نسبة التهدم مع مرور الوقت؛ لذا كان لزاماً العمل على تطوير وترميم تلك المواقع؛ لما تحتويه من عناصر معمارية وعمرانية، توضح نمط المعيشة لسكان هذه المواقع.
وأولى خطوات عمليات الترميم هو التوثيق المعماري لهذه المباني، الذي نحن بصدد التحدث عنه في هذه المقالة؛ إذ يعد التوثيق العمراني مهماً لدراسة المكان، وكونه ينقل صورة حقيقية عن المكان، وعن تفاصيل كل مبنى على حدة، وكيفية إنشائه، وعناصره المعمارية، والعناصر الجمالية والإنشائية، وغيرها.
ويُعرف التوثيق المعماري للمباني التراثية بأنه توثيق وتأصيل القيم المعمارية والجغرافية للمباني التراثية والمنطقة المحيطة بها بغرض الاستفادة في حفظ الذاكرة المكانية للموقع، ولتسهيل عملية التأهيل والتطوير والترميم المستقبلي للموقع. كما يهدف إلى توفير قاعدة بيانات، تساعد الباحثين والمخططين وراسمي السياسات ليتخذوا قرارات صائبة. ويجب أن يكون للوثيقة الفنية هدف محدد، يرتبط بتوصيل المعلومات الواضحة المعنى في عدد قليل ومحدود من الكلمات. ويجب أن تُعرض هذه المعلومات في ترتيب منطقي، يسهل معه تتبعه. فالتوثيق إحدى عمليات البحث العلمي من خلال عملية تسجيل الحقائق والمعلومات عن طريق وصف كل عنصر من العناصر الذي يتكون منها المبنى.
وهناك أنواع عدة للتوثيق، منها التقارير الأولية: وهي تقارير فنية مصورة عن الموقع، تشتمل على اللمحة التاريخية وإحداثية الموقع وصور فوتوغرافية ووصف مكاني ووظيفي للموقع وتقييمه وتصنيفه معمارياً بحسب استمارات تقييم المواقع التراثية، التي تتضمن عدداً من المعايير المعتمدة، مثل الأهمية التاريخية، الأهمية المعمارية، الحالة الإنشائية وقابلية الموقع للتأهيل والتطوير.
والتصوير الفوتوغرافي: ويشمل التصوير الأرضي والتصوير الجوي والتصوير الداخلي وتصوير تفاصيل المبنى الداخلية والخارجية، والرفع المساحي وتحديد حدود الموقع وعلاقته بالمنطقة المحيطة به، وتحديد المداخل والمخارج وعلاقاتها بالطرق وممرات المشاة والبنية التحتية والمناسيب الطبغرافية والخطوط الكنتورية، وربطه بمخطط المدينة وبمخططات التسمية والترقيم بالمنطقة.
- المهندس/ عائض علي أبو درمان