عبد الاله بن سعود السعدون
المشهد السياسي العراقي في ظل حكم مجموعة عملاء ملالي طهران يفرز كل فترة ومرحلة مشروعاً سياسياً جديداً في محاولة للخروج من وحل الأزمات التي عاشوها منذ أن تسلطوا على مقدرات الشعب العراقي العربي الصابر، وزارة العبادي الحالية التي اعتمدت المحاصصة الحزبية بتشكيلة غير متجانسة من السياسين وغير الأكفاء الذين امتدت أياديهم الملطخة بدماء الوطنيين والشرفاء من أبناء العراق لسرقة المال العام وأصبح شغلهم الشاغل المصلحة الخاصة وليس خدمة الشعب العراقي العربي الأصيل بل لهثهم وهرولتهم نحو المال العام لسرقته وتهريبه لبنوك الدول الأوربية التي جاءوا منها مع الدبابة الأمريكية الغازية.
بعد تراكم الأزمات السياسية والمالية المتلاحقة على النظام السياسي الحالي في بغداد ومحاولة الخروج منها جاء المشروع الملغم عبر الدعوة لتغيير وزاري والاتجاه نحو تأليف تشكيل وزاري من شخصيات تكنوقراطية أي مهنية ذات اختصاص في السياسة والإدارة العليا، وهنا يجب على المحلل السياسي أن يقف ملياً أمام تصريح المالكي رمز الفساد السياسي والمالي وصاحب الرقم واحد بين السياسين الفاسدين في العملية السياسية العراقية الحالية حين قال (أؤيد الإصلاحات التي تبناها العبادي بناءً على توجيه المرجعية وندعو لتشكيل وزارة تكنوقراط برئاسة العبادي وكفاءات مهنية من الشخصيات المستقلة في العراق) حيث هنا يبرز مجسم اللغم السياسي في هذا التصريح المخادع.
المالكي بدعوته هذه لتشكيل وزاري تكنوقراطي ممثلاً للأغلبية الشيعية من كتلة الاتحاد الوطني المجمع السياسي للبيت الشيعي وبذلك تتحول تشكيلة التكنوقراط إلى وزارة أغلبية طائفية بزعامة ممثل حزب الدعوة الإسلامية وأمينه العام نوري المالكي بل هي لتركيز السلطة بيد أعضاء حزب المالكي ولوحدهم، وقد تنبه لهذا الفخ زعيم المجلس الإسلامي الأعلى السيد عمار الحكيم فأعلن عن دعوته لوزارة تكنوقراط جديدة واستقالة جميع الوزراء بما فيهم العبادي نفسه وتكليف شخصية مستقلة بتأليف وزارة تكنوقراط جديدة تنقذ العراق من الأزمة الخانقه التي يعيشها الآن بعد العديد من الأزمات السياسية والمالية والتي بددت طاقات الدولة البشرية والمالية منذ وزارتي المالكي الأولى والثانية وأخيراً وزارة العبادي الحالية التي عجزت عن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة والتي نادت بها المرجعية الدينية والمظاهرات الشعبية المستمرة، وتعمق الدكتور أياد علاوي زعيم الكتلة الوطنية المعارضة بطرحه مشروعاً سياسياً جديداً بتغيير نهج العملية السياسية التي اتجهت نحو الانحراف السياسي بتأثير الدعوات الطائفية من الكتل والأحزاب المذهبية والتي صنعت في طهران.
الدعوة لوزارة التكنوقراط بمنظور المالكي واتباعه دعوة حق يراد بها باطل، فهي ليست للاتجاه نحو تنفيذ الإصلاحات الخدمية ومحاربة الفساد والإرهاب وفرض سلطة القانون، بل إن هدفها التخلص من الشركاء السياسيين الممثلين للكتل المعارضة للنفوذ الإيراني المتسلط على القرار السياسي العراقي في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها العراق داخلياً بعد قرب إعلان إفلاس خزائن الدولة وعجز الحكومة من دفع رواتب الموظفين، وهي محاولة للتقاطع المستمر مع حكومة كردستان في واردات البترول المنتج منها وأخيراً وليس آخراً مسؤولية تخليص العراق من شرور إرهاب داعش وتحرير الموصل بعد أن كان المسبب الرئيسي لها المالكي رجل إيران وعميلها الأول، والخشية من الاتجاه نحو إعلان الإقليم السني في المنطقة الغربية من جغرافية العراق ولا بد من تشكيل حكومة أغلبية سياسية بإشراف حزب الدعوة الحاكم تحت مسمى التكنوقراط من مجموعة مهنية من الصف غير المعروف إعلامياً من المؤيدين لحزب الدعوة وملالي طهران وقم لتمرير كل المشاريع المصنوعة في إيران والأصطفاف بخندق التحالف الإيراني الروسي.
العراق لن يرى نور الإنقاذ الوطني إلا إذا ابتعدت جميع الكتل المتناحرة من أجل المناصب والنهب بالمال العام عن المشهد السياسي وتسلم القوى الوطنية المخلصة لمقود السلطة وتخليص الشعب العراقي الشقيق من الفساد والفاسدين والعمل على فك قيود النفوذ الإيراني والأمريكي المزدوج من عنق الدولة العراقية وإعادة إعمار اقتصاديات البلاد ومحاسبة كل من خان الشعب العراقي وسرق آماله وتساهل في رهن قراره السياسي لأي جهة أجنبية كانت وأخيراً العمل الدبلوماسي الوطني الجاد نحو إصلاح العلاقات السياسية مع دول الجوار الإقليمي والعودة إلى البيت العربي مرحباً به من كل أشقائه العرب.