عبدالحفيظ الشمري
مشروع «الأسرة والطفل» قد ينشأ بهيئة مطالب إنسانية واجتماعية وأسرية تبحث عن رؤية متكاملة تخدم هذه الشريحة المهمة من المجتمع، ليصبح هذا المشروع رؤية شاملة؛ تؤكد عليها الكثير من المنظمات المحلية والإقليمية والعالمية، وأبرزها مشاريع الأمم المتحدة لرعاية الأسرة والطفل؛ إذ لا يمكن لنا أن نفصل بأي حال من الأحوال بين الأسرة والطفل من حيث مضامين الرعاية والخدمات.
إلا أن هناك من يشير صراحة إلى أن من أسباب تراجع خدمة الأسرة والطفل هو ربطهما بمشروع أو عنوان واحد في الكثير من المناشط والأعمال، حيث يقدم هذا المشروع وكأنه تحصيل حاصل في برامج واجتهادات الجهات الخدمية المعنية بهذه الفئة من المجتمع.
فالمشروع الترفيهي ربما هو أبرز مثال يمكن لنا أن نتفاعل معه، لنحدد الأولية اللازمة لخلق بيئة تتجاوز هاجس اجتماع الأسر والترفيه عنهم إلى ما هو أهم من ذلك وهو مناقشة مشروعهم الإنساني، وحماية وجودهم الحضاري، والتكفل باحتياجهم من مقومات العيش الكريم، لاسيما في ظل تحديات الحياة المعاصرة.
وهناك من يشير إلى أمر آخر حول هذا المضمون؛ يتمحور في ربط الطفل بالمرأة من حيث المشاريع والخطط وتقديم الخدمات، أي أن هذه الرؤية ترجح أن تكون المرأة هي الأقرب لخدمة الطفل في مجال التربية والتعليم، إلا أن هناك من النساء من يرين أن ذلك من قبيل اعتساف دورهن الأهم والأكبر في سياق معادلة بناء المجتمع، إلا أن تراتب العلاقة والاندماج بينهما لا يعيق مشروع المرأة ومشاركاتها في كل مناحي الحياة ومنها ما تقدمه للأسرة والطفل.
أضف إلى ذلك أن الهجمة الاستهلاكية لا تزال تستهدف شعار «الأسرة والطفل» لتجعله -للأسف- مشروعاً تربحياً، فتصب في أذهانهم الكثير من الدعاية والترويج للمواد الاستهلاكية، ليكون الطفل وأسرته عنواناً مهماً من عناوين الاستهداف التجاري؛ دون مراعاة فاحصة لما يفيد، بل تغيب في حمى هذا الهوس فكرة بناء كيان سليم، يقاوم الاستهلاك، ويحد من نهم الشراء.
وحينما نتوقف عند صياغة مفهوم الأسرة والطفل من الناحية المعنوية والمعرفية نجد أن ما حققته الكتابة بمشروعيها؛ الاجتماعي والثقافي لا يصل إلى الأهداف المرجوة؛ غير عروض بيع الكتب للصغار.. تلك التي يراد فيها استمالة الطفل وأسرته على حد سواء.. فبات ظاهر هذا المشروع خدمة ثقافة الطفل وأدبه؛ وباطنه البحث عن مكاسب مادية تستدرج الجيوب. فحينما نقلب هذه الكتيبات والمطويات والأقراص الموجهة للطفل تجد أنها أعدت على عجل، فالاسم غير معروف، الرسام مجهول الهوية.
فمن المهم والمفيد خدمة للأسرة والطفل أن نوجد دوراً فاعلاً للأديب والمبدع والكاتب والباحث الاجتماعي والمتخصص في شؤون الأسرة والطفل في مجال مشروع الكتابة لهذه الفئة، وعدم تركها للتجارب التربحية، أو الأعمال التجارية التي تخضع لمعايير السوق، وكأن هذه الفئة المهمة من المجتمع جزء من معادلة البحث عن مغانم المادة ومستلزمات استدرار المال!
فأهم وأقوى ما يمكن أن يستثمر في مجال «الأسرة والطفل» يتمثل في طرح المشروع الإبداعي والابتكاري في مجالات متعددة، فالرهان الحقيقي على مشروع «الأسرة والطفل» لن يكون خاسراً حينما يكون موجهاً لهذا الفعل الإنساني الحقيقي لا سيما في مجال التعليم والتربية وصياغة المستقبل، حيث سيكون لهذا النشاط والتميز دور في كسب هذا الرهان، لعلنا نحقق للأسرة والطفل أولويات ما يتطلع إليه في بناء معادلة التميز والنجاح.