قد نشهد 50 دولاراً لبرميل النفط منتصف 2016م ">
الدمام - فايز المزروعي:
توقّع مركز السياسات النفطية والتوقعات الإستراتيجية، أن تشهد أسعار النفط تذبذباً نحو الارتفاع حتى تصل إلى 50 دولاراً للبرميل منتصف العام الجاري 2016م.
وأرجع المركز في تصريح خاص لـ«الجزيرة» هذه التوقّعات، إلى المؤشرات الإيجابية لاجتماع الدوحة الأخير الذي جمع وزراء نفط كل من المملكة وقطر وروسيا وفنزويلا، حيث تم خلاله الاتفاق على تجميد إنتاج النفط عند مستويات «يناير»، الأمر الذي أعطى مؤشرات جيدة على تعافي الأسعار مستقبلاً.
وأوضح الدكتور راشد أبانمي، رئيس المركز أن إيران ستضطر إلى الالتزام بخفض الإنتاج لسببين: أولهما أن الاتفاق جاء بسعي روسي، ما يُصعب عليها اتخاذ موقف مخالف لموقف حليفتها موسكو، والثاني هو احتياجها الفعلي لإعادة تأهيل حقولها النفطية التي تتطلب استثمارات وقدرة مالية كبيرة. لذلك، لا تستطيع إيران الاستمرار في البيع بأسعار منخفضة، أو البيع بأقل من التكلفة.
وبالنسبة للعراق فهو كإيران، لا يستفيد من الأسعار المتدنية مع ارتفاع الإنتاج خصوصاً في ظل مشروعات إعادة الإعمار.
وفيما يخص روسيا، فهي كذلك لا تستطيع الاستمرار في البيع بأسعار منخفضة، إذ تعاني هي الأخرى العديد من المشكلات الاقتصادية، إلى جانب مقاطعتها لعدد من الدول اقتصادياً وآخرها تركيا.
وتابع: هذه الأسباب ستعمل على إحداث تذبذب إيجابي واضح في أسعار النفط، وسنرى ارتفاعاً ملحوظاً بعد منتصف العام الجاري 2016م.
واعتبر الدكتور أبانمي، هذا الاتفاق أو الاجتماع مؤشراً جيداً وإيجابياً لسوق النفط، خصوصاً أن جميع الدول المتضررة من انخفاض الأسعار ليس لديها القدرة على الاستمرار في إنتاج كميات كبيرة مع انخفاض السعر، بعكس المملكة التي تعتمد على موارد مالية جيدة، واحتياط عال يمكنها من الاستمرار في الإنتاج وفق معدلات مرتفعة مع انخفاض الأسعار، فضلاً عن خبرتها الجيدة في التعامل دائماً مع مثل هذه المواقف بكل إيجابية.
وأردف: المملكة مرت بكثير من التجارب وهي قادرة على تجاوز أي أزمة إن وجدت، إلى جانب خبرتها الكبيرة في توفيق ميزانيتها مع الأسعار المتوقّعة للنفط.
ولفت أبانمي إلى أن النفط لا يمكن التعامل معه كأي سعلة أخرى، فهو سلعة إستراتيجية تعتمد عليها جميع دول العالم، ولا يمكن النظر إليها من المنظور الاقتصادي البحت، وإنما هناك العديد من العوامل التي تؤثّر فيها سواء جيوسياسية، مناخية، مضاربات، أو سياسة العرض والطلب، وحتى عمليات الصيانة والتشغيل، إذ تتداخل في أسعارها وتوفرها جميع العوامل، وتستخدم في الصراعات السياسية، كونها أداة اقتصاديه فاعلة.
وقال إن أسعار النفط ستتأثر كثيراً إذا تبيّن بشكل واضح الموقف الروسي من اتفاق الدوحة، فإذا كان مجرد اتفاق لإدارة أزمة اقتصادية مؤقتة، فإن الأسعار ستتأثر بشكل بسيط نحو الارتفاع ومن المحتمل أن تعاود الانخفاض مرة أخرى، أما إذا كان توجه روسيا كاملاً يشمل إيجاد الحلول في الجانبين الاقتصادي والسياسي وإنهاء الصراعات وهو الأرجح، فإن أسعار النفط سترتفع بشكل كبير يمكن أن تصل معه إلى 100 دولار للبرميل في 2017 .
وذكر» أنه من المتوقع أن تعلن منظمة أوبك في اجتماعها المقبل تخفيض سقف إنتاجها البالغ نحو 31.5 مليون برميل يومياً، إلى نحو 30 مليوناً، بحيث توزع نسبة التخفيض على جميع أعضاء المنظمة البالغ عددها 12 دولة ومن ضمنها إيران والعراق، وذلك شريطة أن تعمل الدول المنتجة الأخرى من خارج أوبك كروسيا والمكسيك والنرويج وآخرين على خفض الإنتاج بنسب يتم الاتفاق عليها، أي أن تخفيض الإنتاج لن يكون على حساب دول أوبك أو المملكة وحدها.»
وأبان رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الإستراتيجية، أن الفائض في السوق النفطية حالياً يتراوح بين 1.5 إلى 2 مليون برميل يومياً، بالإضافة إلى أن الدول المستوردة للنفط عملت خلال الفترة السابقة على بناء مخزونات نفطية كبيرة تمكنها من التأثير على زيادة المعروض، حيث شهدت الـ 18 شهراً الأخيرة وفرة في المعروض عالمياً، حتى إن الدول المستوردة لا تجد مكاناً للتخزين إلى درجة أن بعضها بدأ في بناء صهاريج للتخزين العائم، وإذا عملت «أوبك» على تخفيض سقف إنتاجها إلى 30 مليون برميل يومياً بدلاً من 31.5 مليون، فإنها ستعمل بدورها على تقليل الفائض بشكل كبير جداً، وعندما يصاحب ذلك تخفيض الإنتاج من الدول المنتجة خارج أوبك، سيتم امتصاص الفائض وتخمة المعروض نهائياً والتحول إلى التوازن تدريجياً بين العرض والطلب المائل نحو الطلب مع نمو الاقتصاد العالمي ولو بشكل بسيط، وبالتالي عودة أسعار النفط لما كانت عليه في السابق عند حدود نحو 100 دولار في منتصف العام 2017 تقريباً».
يذكر أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، قال مؤخراً، أن بلاده بصدد إرسال مقترحات جديدة لزعماء دول في أوبك وخارجها من أجل استقرار السوق، فيما أوضح وزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو، أن المملكة وقطر وفنزويلا ستراقب سوق النفط حتى شهر يونيو في أعقاب الاتفاق الأخير على تجميد الإنتاج واحتمال اتخاذ تدابير إضافية لإنقاذ الأسعار.