فضل بن سعد البوعينين
لنتفق أولا على حقيقة تضخم أسعار العقار؛ وبلوغها مستويات تفوق قدرة أكثر من 95 في المائة من المواطنين على شراء بيت العمر؛ ما تسبب في ركود السوق العقارية ودخولها مرحلة التصحيح القسري؛ متجاهلة خطط الإنعاش النوعية التي تكفل بها تجار العقار؛ القطاع المصرفي؛ ووزارة الإسكان.
حالة الركود ذات العلاقة بتضخم الأسعار؛ حالت دون تمكن العقاريين والمطورين من تصريف وحداتهم السكنية؛ أو التخلص من أراضيهم البيضاء؛ وقدمت بارقة أمل للمواطنين الباحثين عن شراء منزل أو أرض بأسعار عادلة تتوافق مع ملاءتهم المالية.
في تصريح خاص بـ «الجزيرة» أشار ماجد الحقيل؛ وزير الإسكان؛ إلى أن «الركود الحاصل في السوق (العقارية) لن يطول حيث من المتوقع أن نرى انتعاشا خلال الربع الثاني من العام الحالي2016 في حركات البيع والشراء والتطوير خاصة وأن هناك قوائم انتظار لدى الجهات التمويلية». الوزير الحقيل تحدث أيضا عن «حل 30 في المائة كمقدم شراء الوحدات السكنية» وهو الشرط الذي فرضته مؤسسة النقد لحماية القطاع المصرفي من تعثر القروض العقارية مستقبلا في حال تصحيح السوق وعودة الأسعار إلى مستوياتها المنخفضة.
الحديث عن «إنعاش السوق» الراكدة يدفعنا للتساؤل عن الجهة المستفيدة من عمليات الإنعاش المزمعة؛ وعن الهدف الذي تسعى الوزارة الوصول إليه من خلال معالجتها «أزمة الإسكان» المستعصية. قد يكون العقاريون وشركات التطوير المستفيدين الرئيسين من أي عملية إنعاش ممنهجة تعتمد على توفير التمويل المناسب للمشترين؛ بمعزل عن الأسعار المتضخمة؛ وشرط مقدم شراء الوحدات السكنية؛ أو خلق شراكة نوعية بين وزارة الإسكان والقطاع العقاري؛ تعتمد في أساسياتها على إنقاذ سفينة المطورين من الغرق، لا معالجة «أزمة الإسكان».
كتبت غير مرة عن إمكانية التفاف البنوك على شرط «ساما» مشاركة المقترض بنسبة 30 في المائة من قيمة العقار المطلوب شرائة بنظام التمويل؛ من خلال تقديمها قرض شخصي مكمل للقرض العقاري. أحد البنوك السعودية أعلن عن منتج تمويلي أطلق عليه مسمى «خاصية 2 في 1»؛ وهو تمويل يجمع بين القرض الشخصي والعقاري في آن؛ يهدف إلى تسهيل عملية الحصول على سيولة نقدية لتغطية شرط المشاركة بـ 30 في المائة؛ إلى جانب التمويل العقاري؛ مع الإبقاء على نسبة الاستقطاع في القرضين عند 60 في المائة من الدخل الشهري. يبدو أن منتج «2 في 1» هو الحل الوسط الذي توصلت له وزارة الإسكان في مباحثاتها غير المعلنة مع «ساما»؛ وهو أمر سيزيد من مخاطر القطاع المصرفي في حال انهيار السوق العقارية.
لم تعد السوق العقارية المتضخمة سعريا في حاجة إلى إنعاش الوزارة؛ بقدر حاجتها لتشريعات صارمة تضمن عودتها إلى مستويات ما قبل تشكل الفقاعة؛ وبرامج ممنهجة تضمن ضخ عدد كبير من الوحدات السكنية بأسعار متدنية تؤثر على السوق من جانبي العرض والأسعار. ركود السوق العقارية ليس شرا على الجميع؛ بل ربما كان بداية خير للمواطن البسيط الباحث عن السكن. تصحيح السوق العقارية قد يحمل في جنباته حلولا بديلة للمواطنين يستغنون بها عن حلول وزارة الإسكان المتعثرة. إنعاش السوق يعني المصادقة الرسمية على الأسعار المتضخمة؛ والمضي قدما في معالجة مشكلة المطورين على حساب المواطنين؛ الذين أنشئت الوزارة من أجل مساعدتهم لا الإضرار بهم.