محمد سليمان العنقري
يعكف البنك السعودي للتسليف والادخار على القيام بمشروع يهدف لتنمية ثقافة الادخار وتاصيلها بالمجتمع كونها من العوامل الرئيسية المساندة لتحسين مستوى الثقافة المالية ورفع ملاءة الأفراد المالية بالمجتمع وتوجيه مداخيلهم بأسلوب يمكنهم من ادخار جزء من أموالهم يساعدهم في مواجهة متطلبات المعيشة وتكاليفها خصوصا ببعض الالتزامات التي تواجههم بمراحل معينة من حياتهم وليست بالمصاريف الأساسية الثابتة الروتينية. وقد عقد البنك ورش عمل حول موضوع الادخار بهدف المشاركة بالأفكار مع أطياف المجتمع وتشرفت بحضور الورشة التي عقدت بالرياض مؤخرا وهو توجه جيد حتى تتبلور كافة الأفكار والآراء للوصول إلى صيغة مناسبة قابلة للتطبيق، والادخار كبرنامج موجود في كثير من دول العالم ومنذ سنوات طويلة جدا ففي بعض الدول العربية وصل عمر بعض برامجهم إلى أكثر من أربعين عاما وحققت نتائج جيدة لأنها لامست القدرة على الادخار لدى المجتمع وكذلك وضعت أهداف محددة لفوائد وانعكاسات الادخار الذي قامت به من خلال صناديق مختصة بإشراف وإدارة حكومية تحقق فائدة واضحة لكل الأطراف. وبالنظر إلى أهداف بنك التسليف المعلنة والتي حددت بأربع نقاط من شأنها دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة وتتمثل تلك الأهداف فيما يلي:
1-تقديم قروض بدون فوائد للمنشآت الصغيرة والناشئة ولأصحاب الحرف والمهن من المواطنين تشجيعًا لهم على مزاولة الأعمال بأنفسهم ولحسابهم الخاص.
2- تقديم قروض اجتماعية بدون فوائد لذوي الدخول المحدودة من المواطنين.. لمساعدتهم في التغلب على صعوباتهم المالية.
3-القيام بدور المنسق المكمل لرعاية قطاع المنشآت الصغيرة والناشئة.
4- العمل على تشجيع التوفير والادخار للأفراد والمؤسسات في المملكة .. وإيجاد الأدوات التي تحقق هذه الغاية.
والهدف الرابع هو ما يعنينا عند الحديث عن فكرة إطلاق «مشروع وطني للادخار» فالبنك من بين صلاحياته ودوره أن يشجع على التوفير والادخار وإيجاد الأدوات التي تحقق ذلك بل إن المستهدفين الأفراد والمؤسسات مما يعطي مجالا أوسع للتوسع بحجم الادخار عموما خصوصا أن البنك يحق له قبول الودائع ولا نعرف ما هو السبب في عدم تفعيل هذا الدور الأساسي بعمله فالبنك حاليا يشغل رأس ماله لكنه لا يستطيع تنميته من الإقراض الذي يقدمه لأنه بدون فوائد على المقترض وهو توجه إيجابي يدعم المقترضين وقد يكون له استثمارات خاصة تدر بعض العوائد عليه لكن بالمحصلة لن يتمكن من النجاح بتغطية شاملة لكل الاحتياجات بالمجتمع لكنه لم يفعل موضوع الادخار كبرنامج يحقق نتائج أفضل للمجتمع والاقتصاد حتى وقتنا الحاضر لذلك لا بد من قيامه بدور إضافي ينشط فيه الادخار ويوسع من دوره التنموي الاجتماعي.
إن أول هذه الخطوات تنصب في وضع برنامج يكون مقنعا للأفراد والمؤسسات كي تدخر يأخذ بعين الاعتبار حجم المبالغ التي يمكن ادخارها من المستهدفين وأيضا مردودها عليهم وأثرها على الاقتصاد المحلي كأساسيات مهمة لتوضيح الفكرة من مشروع الادخار ومقنعة حتى تثمر، ولذلك فإن إطلاق «صندوق للتوفير والادخار» سيكون أول خطوة يمكن أن تؤسس للبرنامج أما الأهداف فيجب أن ترسم بمستوى مناسب بحيث يجد المدخر أن أمواله البسيطة التي شارك بها بالصندوق قد حققت له فوائد جيدة عند احتياجه لها وأن الاستثمارات من الصندوق تدار بطريقة خالية من المخاطر ومأمونة وبعوائد مجزية ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية وتقدم برامج متنوعة للادخار أي يكون هناك برامج فرعية كالادخار للتعليم أو شراء المنازل أو الاستثمار بأدوات وأوراق مالية تحقق ربحا جيدا ويكون المدخر قد وظف مبالغ بسيطة من دخله لكنها أثمرت بتقوية ملاءته المالية بالمستقبل بإذن الله.
الادخار طريق نحو مشاركة الأفراد بالتنمية الاقتصادية بالمجتمع عبر مدخراتهم وله انعكاس اقتصادي واجتماعي إيجابي كبير ويرفع من الثقافة المالية بالمجتمع ويخفض المخاطر على الأفراد إذا أدير من جهات موثوقة ويرشد بالاستهلاك الضار وينمي التوجه للادخار لدى الأفراد بأن يكون على حساب استهلاك غير مفيد ويساعد على التوسع بالاستثمار بالاقتصاد ويعيد توجيه السيولة المتداولة لرفع كفاءة استثمارها ويعين الأفراد على مواجهة التزاماتهم دون الحاجة للاقتراض أو الوقوع بعجز مالي عندما يحتاجون للأموال ويزيد من ثروات المجتمع.