محمد عبدالله بن فايز
يعرض هذا المقال خلاصة موجزة ودقيقة لبعض أبرز المعطيات والمستجدات التي تدل على قرب إحراز النصر الحاسم في اليمن.
* الوضع العام: في عام 1979م استولى الرئيس اليمني المخلوع علي صالح على حكم اليمن بطريقة غادرة ودموية، واستمر حكمه (33) عاماً، وكانت محصلة حكمه بائسة، وأدت لعواقب وخيمة على حاضر ومستقبل الشعب اليمني للأسباب الآتية (عدم اتباع مقتضى المنهج الإسلامي الرشيد أو المنهج الحضاري المعاصر/ طغيان عقلية التسلط والتآمر والفساد على سياسة وإدارة شؤون البلاد/ تبديد كثير من الموارد على تكوين قوات عسكرية وأمنية كبيرة وشراء الذمم لترسيخ نظام حكم الرئيس وقرابته وأتباعهم/ اتباع سياسات خاطئة أدت لأزمات وحروب داخلية متعاقبة/ فتح اليمن لتغلغل الفرس والإرهاب فيه وتكوين مليشيات خطيرة على اليمن وعلى دول المنطقة).
* قيام الثورة وتداعياتها: أدت تلك العوامل الخطيرة وغيرها لتراكم تدهور الأوضاع والسخط والتوتر لدى أغلبية الشعب اليمني؛ ما دفعه للقيام بثورة شعبية سلمية - مطلع عام 2011م - بدأت بالمطالبة بإصلاح الأوضاع، ولكن الرئيس تعنَّت واستخدم السلاح ضد الثوار؛ ما دفعهم ومؤيديهم للتخلص من حكمه، وكادت الحرب الأهلية حينها تقع لولا لطف الله، ثم قيام المملكة ودول الخليج بالوساطة وطرح مبادرة متوازنة لحل الأزمة. وبعد تنفيذ أهم مراحلها بانتخاب رئيس جديد لليمن (عبد ربه هادي) وعودة الاستقرار وإقرار مؤتمر الحوار الوطني لأُسس نظام سياسي حديث لليمن دفع ملالي إيران عملاءهم الحوثيين والرئيس المخلوع وأتباعه للانقلاب على النظام الشرعي والاستيلاء على مقدرات اليمن بالغدر وقوة السلاح وشراء الذمم في سبتمبر 2014م، وأصبح تحت سيطرتهم قوات عسكرية وأمنية ومليشيا تقدر بنحو (200) ألف رجل مع ترسانة ضخمة من الأسلحة التي استخدموها بأساليب العصابات الإجرامية لفرض سطوتهم على الشعب اليمني ومقدراته.
* عاصفة الحزم: عملية عربية إسلامية، تقودها المملكة العربية السعودية بكل اقتدار، وغايتها دحر عدوان المتمردين وأطماع الفرس في اليمن وشبه الجزيرة العربية. وبفضل الله ثم بفضل الرؤية والسياسة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ونائبيه - أيدهم الله - قامت عمليّة (عاصفة الحزم) على قدر عظيم من الأسباب والشروط الأساسية للنصر (1. أن غايتها مشروعة وهي الدفاع عن الإسلام والحق والنفس ودحر الشر والعدوان وأهله امتثالاً لأمر الله تعالى {... وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ...}/ 2. امتلاك المملكة قدرات هائلة وعلاقات عربية وإسلامية ودولية واسعة وقوية، سخرتها لتحقيق هذه الغاية المصيرية/ 3. تشكيل تحالف سياسي وعسكري عربي قوي بقيادة المملكة للقيام بهذه العملية الكبرى وحصولها على تأييد عظيم من حكومات وشعوب المسلمين/ 4. اتصاف أصحاب القرار والمشاركين بالعملية بقوة العقيدة والإخلاص والحكمة والشجاعة/ 5. كفاءة التخطيط والتنفيذ باستخدام قوات كبيرة مزودة بأحدث الأسلحة والعتاد).
وسنوجز أهم ما تحقق - حتى الآن - من انتصارات باهرة ومكاسب جوهرية متضافرة لتحقيق النصر الحاسم المنشود بتحرير اليمن ودحر المتمردين البُغاة والفرس وأطماعهم.
أولاً: تحقيق السيادة الجوية المدمرة للمتمردين: فرضت القوات الجوية السعودية ومقاتلات من دول التحالف سيادة كاملة على اليمن وحدوده، ودمرت أهم مراكز ثقل قدرات المتمردين، خاصة في صنعاء والمحافظات المحررة، حتى عجزوا عن الدفاع عنها أو القيام بعمليات كبيرة في أي اتجاه.
ثانياً: حماية حدود المملكة مع اليمن: أدت القوات السعودية المشتركة كافة في هذه المهمة الحيوية واجبها بكفاءة عالية بتدمير الصواريخ الموجهة للأراضي السعودية الحدودية، وسحق اعتداءات المتمردين عليها، ومنع تمركزهم قربها، وتكوين ودعم وحدات جديدة تابعة للشرعية لتحرير مواقع يمنية حدودية مؤثرة جداً (ميدي ومينائها/ حرض/ البقع). وتحقق بذلك مكاسب جوهرية (حرمان المتمردين من استخدام ميناء ميدي لتوريد السلاح والمؤن/ إبعاد خطرهم عن القرى والأهداف السعودية الحدودية/ سيطرة قوات الشرعية والتحالف على مواقع وطرق أساسية والتقدم منها لتحرير الحديدة وحجة وصعدة وغيرها).
ثالثاً: تحرير عدن وخمس محافظات حيوية: دمرت القوات الجوية للتحالف أهم قدرات المتمردين بمحافظات (عدن - لحج - الضالع - أبين - معظم شبوة)، وحررتها وأمنتها وحدات برية من التحالف والقوات والمقاومة الشرعية. وتحقق بهذا النصر الباهر مكاسب جوهرية (اتخاذ «عدن» بإمكاناتها الحيوية عاصمة مؤقتة لليمن ولقيادته الشرعية/ مشاركة واسعة للمواطنين في تحرير وحماية تلك المحافظات/ توظيف مُقدراتها لتحرير شمال اليمن من المتمردين).
رابعاً: تحرير محافظتي مأرب والجوف: تَضَافر الدور الحاسم للقوات الجوية والبرية للتحالف مع الدور الأساسي للقوات والقبائل الكبيرة المؤيدة للشرعية بتلك المحافظتين الواسعتين في هزيمة وطرد المتمردين من مدنها ومعظم أنحائها، وتحقق بهذا النصر الكبير مكاسب جوهرية (مشاركة واسعة للقوات والقبائل الكبيرة المؤيدة للشرعية بمحافظتي مأرب والجوف في تحريرهما/ السيطرة على ما في محافظة مأرب من موارد كبيرة من زراعة ونفط وغاز ومصفاة ومحطة عملاقة للكهرباء وطرق تعتمد عليها صنعاء ومدن أخرى/ دعم القوات والقبائل الكبيرة بالمحافظتين للتقدم لتحرير صنعاء وغيرها).
خامساً: دخول مرحلة النصر الحاسم: وهدفها إكمال تحرير اليمن وإعطاء الأولوية لصنعاء وتعز بعد إعداد تحضيرات أساسية متكاملة، أبرزها (تحطيم أهم قدرات المتمردين وهزيمتهم وطردهم من «75 %» من محافظات اليمن/ تكثيف القصف الجوي لإكمال تدمير قدراتهم وإنهاكهم خاصة بصنعاء وتعز/ تكوين وحدات ومجالس مقاومة جديدة كبيرة ودعمها بوحدات التحالف وتركيز جهدها على التحرير/ ضمان الدعم الواسع للشرعية من القوى السياسية والقبلية والعسكرية من المناطق غير المحررة/ تأمين المناطق المحررة بقوات ومقاومة قوية/ تعزيز السيطرة على المنافذ البحرية والطرق لقطع إمداد وتحركات المتمردين)؛ ما مكَّن الحكومة الشرعية والتحالف من البدء بزخم قوي بتحرير مواقع أساسية بمحافظتي صنعاء وتعز، وأصبحتا في حكم المحررتين قريباً - بإذن الله تعالى -.
سادساً: الصعيد السياسي والإنساني يمكن إيجازه في المعطيات الأساسية الآتية: (تأييد أغلبية القبائل والقوى الوطنية للشرعية والتحالف/ عودة القيادة والحكومة اليمنية الشرعية إلى عدن واتخاذها خطوات مهمة لإعادة الأمن والاستقرار وإدارة شؤون البلاد/ وفرت المملكة وحلفاؤها دعماً دولياً لتحرير اليمن من المتمردين تُوِّج بقرار مجلس الأمن (2218) بإلزامهم بتسليم مقدرات الدولة للحكومة الشرعية/ منذ بداية عملية عاصفة الحزم عجز المتمردون وإيران عن تحقيق أي إنجاز مؤثر/ قدمت المملكة ودول الإمارات وقطر والكويت مساعدات إنسانية شاملة للشعب اليمني/ سمحت المملكة لنصف مليون مواطن يمني بدخول أراضيها والعمل مع نحو مليونَيْ يمني يعملون فيها منذ فترة طويلة).
سابعاً: الخلاصة والرأي
* تحققت في فترة قياسية (أقل من عام) انتصارات ومكاسب جوهرية للشعب اليمني وللمملكة وحلفائها، أدت لتحرير نحو (75 %) من محافظات ومدن اليمن، وأهمها عدن ومأرب ذات الأهمية الاستراتيجية القصوى.
* تدل الانتصارات الكبيرة المتتالية واتساع التأييد القبلي وتصاعد قدرات القوات والمقاومة الشرعية وعدم قدرة المتمردين على القيام بعمليات حاسمة على أن النصر الحاسم المنشود بتحرير صنعاء وتعز وغيرهما سيتحقق قريباً - بإذن الله - إن لم يحدث ما يؤخر ذلك.
* يُؤكد كثير من الخبراء ضرورة ما يأتي (الحذر الأقصى من حدوث خيانة أو خدعة من طرف المتمردين، أو حدوث خلافات كبيرة داخل الصف اليمني الشرعي، تقوض الانتصارات المتحققة، أو تؤخر النصر الحاسم/ مضاعفة دعم الحكومة والقوات الشرعية بقيادات بارزة ومجموعات قبلية وعسكرية من المحافظات التي يسيطر عليها المتمردون/ التركيز الأقصى لحسم تحرير صنعاء أولاً ثم تعز ثانياً وبأسرع ما يمكن).
نسأل الله النصر العاجل للإسلام ومَن نصره بما يُرضيه سبحانه وتعالى.