تعتبر صناعة الطيران المدني من أسرع الصناعات نمواً في العالم، وتشهد تطوراً مستمراً في جميع قطاعاتها المختلفة د. عبدالرحمن بن حمد السلمان ماشياً مع زيادة الطلب على النقل الجوي، وتوقعت شركة إيرباص(Airbus) لصناعة الطيران في تقرير صدر مؤخراً نمو الطلب على النقل الجوي وتأثير ذلك في الطلب على الطائرات الجديدة في مختلف مناطق العالم، كما توقع التقرير أنه بحلول عام (2032) سيتضاعف عدد الطائرات في أساطيل الطيران في العالم لتتجاوز (36) ألف طائرة، وأن العالم سينفق نحو(4.5) تريليون دولار تقريباً على شراء طائرات جديدة وذلك بالأسعار الحالية لهذه الطائرات.
وأشار التقرير كذلك إلى أن النمو الاقتصادي في الدول الناشئة سيتجاوز النمو في الدول المتقدمة، حيث سيستمر الطلب على النقل الجوي في الزيادة بمعدل (4.7%) في المتوسط خلال العشرين عاماً القادمة، وسيكون أكثر من نصف هذه الطلبات يأتي من الاقتصادات الناشئة. ويتوقع أن ينمو النقل الجوي بين الدول المتقدمة والدول الناشئة بمعدل ( 4.9%)، أما أكبر معدلات النمو المتوقعة خلال العقدين الآتيين هو النقل الجوي في منطقة الشرق الأوسط والمتوقع أن ينمو بمعدل(7.1%) متفوقا على جميع مناطق العالم.
من جانب آخر توقع التقرير الصادر عن الاتحاد للدولي للنقل الجوي (IATA) أن يشهد سوق المسافرين في منطقة الشرق الأوسط نمواً بمعدل ( 4.9%) وزيادة بنحو(237) مليون مسافر سنوياً على المسارات الجوية في المنطقة حتى العام (2034)، وتوقع التقرير كذلك أن يشهد سوق النقل الجوي في المملكة العربية السعودية نمواً بنسبة(4.6%) خلال هذه الفترة.
ورغم النمو المتزايد في الصناعة إلا أنها وبحسب التقارير العالمية تواجه تحديات عديدة حالية ومستقبلية من أهمها نقص الكوادر البشرية المؤهلة في المهن ذات العلاقة بالصناعة، حيث تشير تقارير المنظمة الدولية للطيران المدني إلى أن معظم العاملين المهنيين حالياً تجاوزوا (40) عاماً، وتوقعت أنَّ نسبة (40%) منهم سيتجاوزون (55) عاماً بحلول عام (2017(،ولمعالجة هذه القضية المهمة بادرت المنظمة الدولية للطيران المدني بإطلاق برنامج الجيل القادم من مهنيي الطيران Next Generation of Aviation Professionals (NGAP) وذلك لضمان توفر البديل المناسب في المستقبل لتشغيل وصيانة وإدارة أنظمة قطاعات النقل الجوي بكفاءة وفاعلية. وأطلقت المنظمة هذه المبادرة مبكراً لتحذير الحكومات والجهات ذات العلاقة في صناعة الطيران المدني والاستعداد لمواجهة هذه المخاطر من خلال وضع برامج إحلال للعاملين لضمان عدم تأثير هذه المسألة على مستقبل الصناعة كونها أحد العوامل المؤثرة في اقتصاديات دول العالم وعلاقتها المباشرة بأمن وسلامة الأرواح والمعدات التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
ويشهد سوق العمل في صناعة الطيران المدني على المستوى المحلي نقصاً في الكوادر البشرية الوطنية المؤهلة للعمل في المهن المتخصصة بالطيران نظراً لعوامل مختلفة يأتي من أهمها ندرة المؤسسات التعليمية والتدريبية المتخصصة لتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية للالتحاق بهذه المهن، وهو ما يمثل تحدياً لصناعة الطيران المدني في الوقت الذي تشهد فيه هذه الصناعة على المستوى المحلي نمواً متزايداً في الطلب على النقل الجوي زادت معها الحاجة إلى استقطاب مزيد من الكوادر البشرية المؤهلة في جميع القطاعات.
ولمواجهة هذا التحدي جاءت الخطة الاستراتيجية الجديدة للهيئة العامة للطيران المدني لتتواكب مع هذه المتغيرات بهدف تطوير صناعة النقل الجوي وتشجيع الاستثمار في جميع قطاعات الطيران، والتركيز على دور الهيئة التشريعي والرقابي وتطوير المعايير وإعادة التأهيل لكافة العاملين لضمان جودة العمل والرقي بمقومات ومعايير السلامة في كافة الخدمات الارضية.
ويـخلق هذا التوجه مزيداً من الرقابة جميع أنشطة الطيران المدني بقطاعاته المختلفة وتطبيق المعايير والمقاييس الدولية خاصة فيما يتعلق بتأهيل العاملين، حيث وضعت المنظمات الدولية ذات المرجعية في صناعة الطيران المدني معايير ومقاييس وأنظمة وقوانين لاختيار وتدريب وتأهيل وترخيص العاملين في المهن المختلفة في قطاعات الطيران المدني المختلفة تشتمل على تدريب نظري وعملي واختبارات نظرية وعملية واشتراطات لإتقان اللغة الانجليزية المتخصصة في الطيران. ويتطلب نجاح الخطة الاستراتيجية الجديدة للهيئة العامة للطيران المدني تفاعل البرامج والصناديق والجهات الحكومية المعنية بتدريب وتأهيل الموارد البشرية من خلال توجيه جزء من أنشطتها لقطاعات الطيران المدني والمساهمة في تدريب وتأهيل الكفاءات الوطنية لسد النقص الحالي والمستقبلي في هذه القطاعات و توطين هذه الوظائف بالكوادر البشرية السعودية.
د. عبدالرحمن بن حمد السلمان - متخصص في الطيران المدني