د. أحمد الفراج
لم يعد المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، شخصاً مجهولاً، فقد أصبح أيقونة عالمية، لا لأنه مرشح متميز، بل لأنه شخصية مثيرة للجدل، فهو بليونير، وعنصري، أطلق تصريحات مستفزة، تتعلّق بالأقليات، والسود، والمسلمين، كان آخرها مطالبته بمنع دخول المسلمين للولايات المتحدة، وعلاوة على ذلك فهو صاحب علاقات غرامية متعددة، إذ تزوج ثلاث مرات، من ثلاث ملكات جمال، فهو يتزوج، ثم ما إن تكبر زوجته بالعمر، حتى يكون قد وجد بديلة لها، فقد تزوج أولاً من عارضة الأزياء التشيكية، افانا زلنكوفا، وله منها ولدان وبنت، ثم تزوج من الممثلة الأمريكية، مارلا ميبل، ورُزق منها بابنة واحدة، وهو متزوج حالياً من عارضة الأزياء السلوفانية، ميلانيا نوس، وله منها ابن واحد، ولا أحد يعلم، على وجه الدقة، عمّا إن كان له علاقات غرامية خارج إطار الزواج، ولكن كل الدلائل تشير إلى حدوث ذلك، فهو أناني بشكل مفرط، ويعشق ذاته كثيراً ويبالغ في تدليلها.
دونالد ترامب ثري جداً، إذ تقدَّر ثروته بأكثر من أربعة مليارات دولار، ولكنه ليس عصامياً، فالأمريكيون يصنّفون الأثرياء إلى صنفين، فهناك «الثري الوارث»، وهناك «الثري العصامي»، وغالباً ما ينصب التقدير الشعبي والإعجاب إلى الثري العصامي، مثل البليونير، بيل قيتس، ورفيقه، وارين بافيت، أما الثري الوارث، مثل الرئيس السابق جورج بوش الأب، وابنه جورج، ومن هو على شاكلتهما، فالجمهور ينظر إليهم على أنهم محظوظون وحسب، ودونالد ترامب ينتمي إلى الصنف الأول، فهو ورث الثراء عن والده، المليونير فريد ترامب، الذي بدأ تجارته في مجال العقار، في مدينة نيويورك، وقد درب التاجر فريد ترامب ابنه دونالد على فنون هذه المهنة وأسرارها، ولم يكد الابن المدلّل يتخرّج من الجامعة، في ستينات القرن الماضي، حتى صار يملك ربع مليون دولار، أي ما يعادل مليوني دولار بحسابات اليوم، وبالتالي لا يمكن أن يصنّف على أنه عصامي بأي حال!
السؤال الذي يطرح دوماً يتعلّق بأسباب عنصرية المرشح الرئاسي، دونالد ترامب، فهو ليس من الجنوب الأمريكي، وهي المنطقة العنصرية تاريخياً، بل من مواليد مدينة نيويورك العظيمة، وهي المدينة التاريخية، التي تصنف على أنها «المدينة الدولية»، فهي تمثّل التنوع السكاني لكافة أنحاء العالم، ففيها يعيش كل أصناف البشر، من أوروبيين وآسيويين وأفارقة ولاتينيين وهنود وصينيين، كما تضم بين جنباتها الواسعة كل أتباع الديانات المعروفة، فكيف لم يؤثّر كل ذلك على دونالد ترامب، وهو ابن هذه المدينة العظيمة والمتسامحة؟!! هذا ما سنتطرق له في مقال مستقل.