الجزيرة - محمد هليل الرويلي:
نفى الروائي عواض شاهر العصيمي أن تكون عناوين رواياته (قنص, المنهوبة,أكثر من صورة وعود كبريت) عناوين ضعيفة وسطحية، لا يوجد فيها ملامح رمزية ومباشرة، رغم كونها روايات عظيمة في فكرتها وحبكتها وحجم الدراما المتدفقة فيها، والصور السردية والشعرية عالية فيها أيضاً. وقال العصيمي لـ«المجلة الثقافية»: ربما رأيتها كذلك، لكني أختلف معك في المفهوم السيميائي لهذا العنوان «قنص». ولو تأملنا ما يفعله فرحان القناص، وما يسعى وراءه الدربيل، وما تطارده عبر أشيائها الصغيرة، لوجدنا أن الجميع يدور في فلك هذا العنوان.. الكل يبحث عن صيده الذي اختاره لنفسه. هذا ما توصلت إليه بعد بحث عن عنوان مناسب لهذه الرواية. أما عنوان رواية «أكثر من صورة وعود كبريت» فقد جال في خاطري بعد فترة طويلة من نشرها أن عنوان «عود كبريت» ملائم للعمل. ولو فكرت بإعادة نشر هذه الرواية فسأكتفي بهذا العنوان الجديد. أما عنوان رواية «المنهوبة» فهو مناسب - في رأيي - ولن أغيره.
وعن تهافت الشعراء على مسابقات الشعر كـ«شاعر المليون» قال العصيمي: هذه المسابقات لا تخدم الشعر، ولم تخدمه من قبل، ولكنها خدمت النظم باستمرار. إنها مسابقات يفكر منظموها والقائمون عليها بعقلية بائع «الأنتيكا»؛ إذ يستوردون القصائد المشاركة في المسابقة، وبعد عملية الفرز يقومون بتصدير المنتقى منها للجماهير تحت رعاية رسمية، كقطعة أثرية قابلة للاستغلال والترويج لدى من يفضل هذه النوعية من النظم. أي مسابقة من هذا النوع لا تخدم الشاهق من الشعر، وإنما تتصالح مع الأراضي المنخفضة من القصيد، تلك التي تنزرع فيها فسائل الواجبات الاجتماعية السائدة؛ لكي يسهل ترويجها في سوق الرضا الاجتماعي، وهو سوق كبير ومنتشر، ومن ثم فإن المارق إلى الصف الأول من هذا الكرنفال الضاج بنعراته الثقافية والاجتماعية لا يطمح في الغالب إلى صقل موهبته كشاعر، وإنما إلى تحسين صورته الشعبية كمنافح عن هذه الأُطر؛ ليحصل على مقابل. أما الشاعر الذي يضع لنفسه شرطاً مهماً قبل الدخول في هذا الكرنفال، وهو شرط الحرية، فإنه يُستبعد فوراً، بل يقصى من فواتح المرحلة التمهيدية مطارداً بعبارات النبذ والاستهجان. وليس أدل على تهافت هذا البرنامج من المجموعة الصغيرة التي تسمى لجنة التحكيم، وهم من ناحية تغلب على قصائدهم الركاكة والسطحية، ومن ثم فهم ليسوا في الأساس أكفاء للتعاطي نقدياً مع المشاركات بطرائق حديثة وفاعلة، وهم من ناحية ثانية لا تلمس في قراءتهم للمشاركات نقداً قريب الصلة بالقصيدة العامية في الخليج، ولا تجده يحلل النص بناء على رؤية نقدية مفهومة ومعتبرة منهجياً، وإنما هي انطباعات عجلى، تُقال لسد فراغ الوهلة الزمنية الحاصلة بين نهاية النص ومبتدأ كلام عضو اللجنة، كما يفعل د. غسان. الغريب أن الكل تقريباً يؤكد توجه البرنامج التجاري، ويلحظ عزوفه عن الوعي الشعري القائم على الاختلاف. ورغم ذلك هناك من يطارده كالمسحور.. القصد واضح.
(المجلة الثقافية) تستضيف الشاعر والروائي والناقد عواض العصيمي في حوار سيُنشر قريباً في الأعداد القادمة.