جاسر عبدالعزيز الجاسر
في الوقت الذي تتعرض له جماعات من البشر إلى حد الإبادة، مثلما يحصل للبورميين من الروهنكا المسلمين في بورما الذين يقتلون يومياً، بل ويحرقون جسدياً مع منازلهم ومزارعهم، وما يتعرض له المسلمون من أهل السنة العرب في أكثر من منطقة في العراق، المقدادية في محافظة ديالى، وبيجي والدور في محافظة صلاح الدين، وأخيراً الفلوجة في محافظة الأنبار التي تتعرض إلى حصار مزدوج من قبل تنظيم داعش الإرهابي، ومليشيات الحشد الشعبي، إذ كلا التنظيمين الإرهابيين يمنعان أهالي الفلوجة من الخروج من المدينة التي تعاني من حصار مطبق مَنع عنها الأغذية والأدوية، مما أدى إلى وفاة عدد من السكان الذين لا يجدون من يهتم بأمرهم. الحصار الموصل إلى تجويع سكان المدن العربية السنية، سلاح جديد بدأ أعداء الأمة العربية والإسلامية تطبيقه بحق المسلمين العرب، فبعد مضايا في ريف سوريا، وبعد تعرض عدد من المدن العربية السنية في العراق إلى هذا الحصار القاتل، ينفذ الآن بحق مدينة الثوار والمآذن، مدينة الفلوجة الباسلة التي تعاني من حصار إرهابي مزدوج، من قبل إرهابيي داعش الذين يعملون على تركيع المدينة وأهلها وإخضاعهم لأفكارهم المرفوضة من قبل مجتمع عُرف بتمسكه بالقيم الإسلامية الصحيحة، وأهل مدينة الفلوجة وبدلاً من أن يجدوا المساندة والدعم من قبل من زعم ومن دعا إلى إنشائه بأنه يعمل لمواجهة إرهاب تنظيم داعش، ويسعى إلى تخليص جميع العراقيين من هؤلاء الإرهابيين، يعمل وبصورة غير مباشرة إلى تنفيذ مخططات داعش من خلال منعه المواطنين، وعدم تمكينهم من التخلص من بطش وإرهاب الدواعش، فمليشيات الحشد الشعبي لا تساعد أهل الفلوجة في قتال الدواعش، وفي الوقت نفسه، لا تسمح لهم بمغادرة المدينة. ولزيادة مضاعفة معاناة السكان تفرض هذه المليشيات الطائفية حصاراً على المدينة يمنع بموجبه تسرب أي شحنات للأغذية والأدوية، وهو نفس ما تقوم به عصابات تنظيم داعش الإرهابي. تطابقٌ في الأفعال، يؤكد توافقاً في الأهداف لتنفيذ أجندة واحدة تهدف إلى تجويع وإبادة أهل السنة العرب في العراق وسوريا. إبادة عبر التجويع والقصف بالطائرات لا تجد من يحتج عليها أو حتى الحديث عنها، في حين تحتفي مواقع الاتصال ووسائل الإعلام العالمية باكتشاف وجود مجموعة من الحيوانات المفترسة بين السودان وإثيوبيا، إذ تذكر وكالات الأنباء، أنَّ علماء البيئة فرحون بعد اكتشافهم للمرة الأولى وجود أسود في منطقنائية حدودية بين السودان وإثيوبيا، وهو أمر مفرح للمهتمين بالبيئة والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض. خبر صادم ومؤلم، ففي الوقت الذي يتم فيه الاحتفاء بوجود عدد من الأسود في إفريقيا، لا أحد يتحدث عن إبادة البشر في الفلوجة ومضايا.