في مثل هذه الأيام من العام الماضي كانت قيادات المليشيات الانقلابية قد استكملت سيطرتها على القصر الجمهوري وكل المؤسسات الشرعية في اليمن وتسليمها للجانها الشعبية بعد وضع الرئيس هادي ورئيس حكومته وأعضاء الحكومة تحت الإقامة الجبرية، واستقال الرئيس هادي وحكومته على أثرها فيما كانت القيادات الحوثية تزمجر وتتوعد كل من سيقف أمام ما سمته مشروعها الثوري، وبدأت تتضح نوايا الحركة الحوثية في استنساخ تجربة الثورة الإيرانية في اليمن.
حيث بدأت بالسيطرة على أسلحة الجيش وتكويناته وإحلال مليشياتها تحت مسمى اللجان الشعبية لتكون فيما بعد حرساً ثورياً على غرار تجربة الحرس الثوري الإيراني وبتواطؤ واضح من المخلوع ونجله أحمد، وبدأت صور الخميني وحسن نصر الله في الظهور على مستوى الشارع اليمني في العاصمة صنعاء بالتزامن مع تصريحات لعدد من كبار المسؤولين الإيرانيين بأن صنعاء صارت العاصمة العربية الرابعة في متناول أيديهم لمواجهة قوى الاستكبار كما يقولون لدغدغة مشاعر الناس وعواطفهم.
عام كامل من الانقلاب يعني عام كامل من السقوط القيمي والأخلاقي لهذه المليشيات وقتل اليمنيين بدم بادر على أيدي لجانها الشعبية ومليشياتها وتفجير منازلهم وتحويل اليمن إلى سجن كبير لكل المناهضين لها من الناشطين والصحفيين والإعلاميين والسياسيين الذين ما زال الآلاف منهم يقبعون حتى اليوم في معتقلاتهم.
عام كامل من الانقلاب تحولت فيه اليمن إلى سوق سوداء كبيرة وتحولت قيادات المليشيا بين عشية وضحاها إلى تجار مافيا وحروب، وانعدمت فيه سبل العيش وراوح فيه اليمنيون ما بين قتل بمختلف الأسلحة الفتاكة وما بين مصادرة لقمة العيش ومنع وصول الغذاء والدواء إلى الأماكن التي خضعت لسيطرتهم، وتعز اليوم نموذجاً حاضراً لهذه الممارسات العدوانية والإجرامية.
أخطأ الحوثيون وعصابات المخلوع صالح في تقديراتهم حين اعتقدوا بأن بمقدورهم أن يفرضوا الأمر الواقع على اليمنيين والمجتمع المحيط حين استطاعوا الوصول إلى عدن تحت قوة السلاح بعد السيطرة على مقدرات الدولة بعد انقلابهم على مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وتنصلهم من مسودة الدستور، بدعم إيراني واضح بدأ من خلال تسيير رحلات جوية مدنية مباشرة بين إيران وصنعاء بشكل يومي التي كانت في حقيقة الأمر جزءاً من عمليات نقل لأسلحة ومعدات نوعية ومتطورة للحوثيين وهي عملية استكمال دعم هذا المشروع للمليشيات الانقلابية الذي بدأ منذ فترة طويلة من بدء تأسيس جماعة الشباب المؤمن في بداية حقبة التسعينيات بدعم من الرئيس المخلوع صالح.
لم يكن في حسبان الجماعة المليشاوية الانقلابية، أن أعين ملك الحزم تترصدهم بكل خطواتهم أولاً بأول، وستكون في لحظة ما وقرار تاريخي هي المنقذ لأحلام اليمنيين التي بددتها تلك المليشيات بين عشية وضحاها حين بدأ الصلف الحوثي والعنجهية يحضر بقوة من خلال الخطابات لقيادة تلك المليشيات وتصريحاتهم عبر كل القنوات الإعلامية وتمددهم في تعز والجنوب اليمني وتهديداتهم لكل دول الجوار استناداً إلى شرعية ولاية الفقيه الإيرانية في حين لا يمتلك حضورهم على الأرض أي شرعية قانونية أو دستورية تفرض حضورهم على اليمن واليمنيين.
ما زلت أتذكر محمد البخيتي حين وجه إليه سؤال في إحدى القنوات التلفزيونية، لماذا تفجرون البيوت والمساجد؟ فقال حينها بما معناه: لو كنا على خطأ أو نفجر المساجد كما تقولون فسوف يرسل الله علينا طيراً أبابيل.
فكان ما كان بعدها حين أرسلت على رؤوسهم عاصفة الحزم طيوراً أبابيل بقرار تاريخي من الملك سلمان -حفظه الله- لينتصر لأحلام اليمنيين وإيقاف المد الفارسي الذي بات خطراً حقيقياً يهدد وحدة الصف العربي.
- وضاح اليمن عبد القادر
Yaljazeera@gmail.com