سيطرة الميليشيا الانقلابية على السلطة وتدمير كيان وبنية واقتصاد الدولة وحياة المواطنين ">
الجزيرة - بشير عبدالله:
شهدت اليمن خلال عام مضى انتكاسة غير مسبوقة وانهيار مهول في بنية وكيان ومكونات الدولة والخدمات المختلفة نتيجة سيطرة ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية على مفاصل الدولة وانقلابها المشئوم على السلطة الشرعية في يناير 2015م.
منذ عام مضى والانقلابيين ينهشون في جسد الوطن تمزيقا وتفتيتاً ويعيثون فيها الخراب والدمار ويمارسون أبشع الجرائم بحق الوطن والموطن ..
لقد مارست الميليشيا منهجية تفجير المنازل واحتلال مرافق الدولة وتفتيت المؤسسات ونهب الممتلكات العامة والخاصة وممارسة الفساد المالي والإداري والأخلاقي إلى جانب ممارسة القتل والتنكيل و التعذيب والأسر والإخفاء القسري والتهجير والعقاب الجماعي بالحصار والتجويع وغيرها من الجرائم التي سنتناولها في التقرير التالي..
منذ تنفيذ الميليشيا انقلابها العلني على الشرعية واستهدف القصر الجمهوري ومنزل الرئيس ومحاولة اغتيال رئيس الحكومة، وفرض الإقامة الجبرية على أعضاء الحكومة دخلت اليمن في نفق مظلم لا يزال الخروج منه يمثل حلم لدى كل يمني شريف وتحدى وهدف للأبطال المقاومة الشعبية والجيش الوطني المدافعين عن كرامة الإنسان اليمني واستحقاقاته.
اليمن تواجه اليوم كما قال نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح، إرهابا دخيلا بأشكال متعددة ، هدفه سفك الدماء وقتل الأبرياء وتدمير المدن وإقلاق السكينة العامة .
لقد مارست مليشيا الحوثي والمخلوع صالح على مدى عام العبث في النظام المالي والنقدي والمصرفي ، نتج عنه عُجوزات كبيرة في الموازين الاقتصادية ، عجزاً كبير في ميزان المدفوعات ، انخفض الاحتياط الخارجي من 5.2 مليار دولار في سبتمبر 2014م إلى نحو 2.3 مليار دولار في نهاية 2015م يتضمن الوديعة السعودية البالغة مليار دولار ، كما صرح بذلك نائب رئيس الجمهورية خالد بحاح .
بحاح شدد في تصريحات صحفية على أنه بعد مرور عام فإنه لا مناص من كسب التحدي والعودة مرة أخرى إلى العمل الوطني في ظل صعوبات عديدة في وجه ميليشيا مسلحة همجية تحاول استباحة الوطن في سابقة خطيرة لم يشهد لها تاريخ منطقتنا العربية مثيلاً.
انتهجت الميليشيا على مدى عام مضى سياسة تفجير منازل المناوئين، وقد بلغ عدد المنازل التي فجرتها الميليشيا حتى الآن نحو 440 منزلا في عموم المحافظات اليمنية وفقاً لما رصدته المنظمة العربية لحقوق الإنسان، كما مارست الميليشيا أساليب القتل والتعذيب والاعتقال والتهجير ، حيث وصل عدد القتلى المدنيين إلى 6764 قتيل منهم 312 طفلا و 398 امرأة ، وعدد الجرحى إلى 18050 جريحا منهم 831 طفلا و 363 امراة .فيما بلغ عدد المعتقلين 7049 معتقلا منهم 2862 سياسيين و 146 إعلاميا . وبلغ عدد الأسر التي نزحت جراء المعارك الدائرة في اليمن إلى 70172 أسرة ، وفقاً لما ذكره التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان.
وتشير المعلومات إلى أن أكثر من 700 معاق جسدياً أصيبوا خلال الشهور العشرة الماضية في محافظات تعز وعدن والضالع ومأرب ولحج ، منهم 30 % ضحايا للألغام التي زرعتها الميليشيات في المدن المحررة ، بينما 60 % هم ضحايا القصف العشوائي على الأحياء السكنية و20 % أصيبوا أثناء الاشتباكات بين المقاومة الشعبية والميليشيات التي تتعمد الاحتماء بالمدنيين وتستخدمهم كدروع بشرية ، ومن الجرائم التي ارتكبتها الميليشيا وتم رصدها وتوثيقها اقتحام ونهب 25 مؤسسة إعلامية و 115 منظمة مجتمع مدني و 163 مقرا للأحزاب السياسية و 578 مؤسسة حكومية حسب ما أوضحه المحامي أحمد عرمان منسق وحدة الرصد والتوثيق بالتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن . لقد شهدت اليمن فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير كما يقول الناشط الحقوقي توفيق الحميدي ، تراجع غير مسبوق لم تشهده منذ 25 عاما في تاريخ اليمن , حيث صادرة الميليشيا معظم المؤسسات الإعلامية الحكومية واقتحمت نحو 48 مؤسسة إعلامية حكومية وخاصة، وتعرض 13 صحفياً للتعذيب في سجون الميليشيا ، إضافة إلى السيطرة على وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وشركة (يمن نت) المزود الوحيد للإنترنت باليمن مما مكنها من حجب 61 موقعا إلكترونيا.
إلى ذلك أطلقت نقابة الصحفيين اليمنيين تقريرا حول انتهاكات حرية الصحافة في اليمن ، وقد سجل التقرير 200 انتهاك لحرية الصحافة ، بما في ذلك مقتل عشرة صحفيين، وسجن 14 آخرون ، 9 منهم تعرضوا للتعذيب الوحشي من قبل الميليشيا. بالإضافة إلى مصادرة وإغلاق معظم وسائل الإعلام.
وضع الخدمات الطبية والصحية ، لم يكن أفضل من غيره فقد شهدت المنظومة الصحية انهيارا تدريجيا، وباتت اليمن تعيش في مفترق طرق ، وتمر في بعض مدنها ، بظروف صحية صعبة كما في حضرموت وتعز وعدد من المناطق الأخرى التي تعاني من الحمُيات وحمى الضنك والتي راح ضحيتها العشرات، أضف إلى ذلك وجود محافظات تعاني وتستغيث من جور الحصار الظالم الذي آثر بشكل كبير على مستوى أداء الخدمات الصحية ، كمدينة تعز . ويقول الدكتور حمزة الكمالي « الميليشيا الانقلابية استهدفت المستشفيات والمراكز الطبية بالقصف المباشر وغير المباشر عبر الضرب العشوائي على الأحياء واستهداف الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف وسقوط قتلى وجرحى منهم، إضافة إلى فرض الحصار كعقاب جماعي، ما ترتب عليه من انتشار للأوبئة والأمراض المعدية.
وتظل قضية الألغام التي زرعتها المليشيات أثناء انسحابها من بعض المناطق ، الهم الأكبر الذي ما يزال يقلق المجتمعات المحلية والسلطات الشرعية في اليمن لما قد تتسبب به من حوادث لاحقة تحصد أرواح العديد من السكان المحليين أو تعرضهم لإصابات وإعاقات دائمة .
الحال لم يتوقف عند تلك الجرائم بل تعددت وتنوعت لتشمل إغلاق المصانع وفتح أسواق سوداء للمشتقات النفطية وممارسة فساد مالي واضح بالاستيلاء على الموارد وفرض الاتاوات على التجار وأصحاب رؤوس الأموال مما دفع عدد كبير منهم إلى مغادرة البلاد ، توقف النشاط السياحي، انعدام الأمن ، وتعطل أجهزة القضاء، ارتفاع نسبة البطالة ، والتسرب من التعليم وبخاصة الفتيات ، انهيار شبه تام للعملية التعليمية ، تدمير شبه كلي للبنية التحتية ، تدمير ممنهج لموروث البلد الحضاري والتاريخي والتراثي ، والأخطر من كل ذلك تفشي النزعة الطائفية بين أبناء المجتمع وغيرها من الآثار المدمرة التي لن يكون انعكاساتها السلبية على الوطن والمواطن لسنوات قليلة بل ستمتد أثرها لوقت قد يصل إلى عشرات السنين.