ميليشيا الحوثي تحرق مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة وتدمِّر أمهات الكُتب ">
الجزيرة - وضاح اليمن:
التاريخ يكرر نفسه لم تستهدف المليشيات الحوثية وقوات المخلوع فقط الإنسان بل استهدفت ذاكرة وتاريخ وثقافة أجيال وموروث ثقافي وحضاري كبير فكما استهدف مشروعهم الظلامي على المدى البعيد «تعز» منارة العالم الإسلامي عاثوا فيها تدميرا وقتلا وحرقا لموروثها الثقافي ونهب لمكاتبها التي شكلت نقطة مضيئة في التاريخ الإسلامي عاودت هذه العصابات المتجذرة تاريخيا استهداف مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة التي تعتبر إحدى أهم وأكبر المؤسسات الثقافية والعلمية في اليمن، وقد كانت تحتوى على قرابة 300 ألف عنوان، وهو ما أثار ردة فعل غاضبة لدى الأدباء والمثقفين والفنانين والناشطين اليمنيين..
القاص والإعلامي عزت مصطفى يقول « لقد تحولت الصدمة التي منيت بها المليشيا من الموقف الجمعي للتعزيين ضد مشروعها الغابر، إلى نزعة انتقامية من موروث المحافظة الصامدة التاريخي والثقافي، فمن التحصن بقلعة القاهرة لقتل الأهالي من علياها والتي دحرت منها لاحقاً، إلى استهداف جامع الأشرفية التاريخي وتدمير منارة المظفر، لينتقلوا لاحقاً إلى حرق مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة ومكتبتها وقاعات المعرفة والثقافة فيها، والتي تشكل للتعزيين منارة علمية ثقافية أسست في العقدين الماضيين يوماً بيوم إلى أن أصبحت منارة الثقافة وحاضرتها يمنياً».
وتقول الإعلامية أسوان شاهر « بما أن السعيد المؤسسة تمثل مخزنا ثقافيا وأدبيا وبحثيا لكل مهتم وصاحب حاجة علمية أو شغف للقراءة فقد مثلت بالضرورة شوكة في حنجرة مليشيا الموت والخراب التي أظهرت حقدا دفينا على تعز المدينة المرتبطة بالعلم والمعرفة. وبات واضحا أن استهداف تعز لا يعدو عن استهداف للمشروع الوطني وللحامل السياسي والثقافي لهذا المشروع المتمثل بتعز وأبنائها كقيمة وطنية أكثر من كونها جغرافيا وديمغرافيا. لهذا تأتي حادثة إحراق المكتبة من قبل المليشيا إشباعا لهذه النزعة الإجرامية التي ترى بأن أخطر ما يهدد مشروع بقائها وجود مؤسسات مدنية ثقافية فاعلة كمؤسسة السعيد».
ويرى القاص والشاعر عمار السوائي أن استهداف مؤسسة السعيد استهداف للحركة التنويرية المناهضة لهذا المشروع الطائفي الظلامي، وقال: «الفعل القصدي لا يستهدف إحراق المبنى والعناوين المحفوظة هناك على أهميتها وندرة بعضها، وإنما أعلنت قوى الظلام عن حضورها واختارت هذا الأسلوب القذر كأنها فحمت بياض وعينا وحقنا في تلقي المعارف وحرية الرأي وحقنا الإنساني في التعبير عن قناعاتنا، استهدفت الظلمة إنسانيتنا واختارت المكتبة والمؤسسة الثقافية كرمزية لها دلالاتها، فالقوى الماضوية ترى في ما يزيد عن ثلاثين نشاطاً ثابتاً في المجالات الثقافية والأدبية والتوعوية والتدريبية وبناء القدرات وتعليم الأطفال، كما استهدفت ما يزيد عن 150 ألف عنوان في شتى المعارف والعلوم، وقوى الظلمة ترى في كل هذه الجهود التنويرية فعلاً مناهضاً لحركتها باتجاه الماضي».
أما الشاعر والصحفي وليد الأبارة فيرى أن استهداف مؤسسة ثقافية كالسعيد هو استهداف للعقل والمنطق الذي لطالما ازدانت به تعز طوال مسيرتها التنويرية في كل الحقب ،الفكر والثقافة التي عنيت به مؤسسة السعيد خلال مسيرتها العامرة بالعطاء ناهيك عن المكانة المميزة التي احتلتها في وجدان التعزي المبدع والمثقف والإكاديمي هي الثمن الذي كان عليها أن تدفعه لعصابة أدمنت الظلام وآثرت إلا أن تلحق الأذى بكل ما يمت للضياء والنور بصلة.
ويرى الناشط الحقوقي والمدني براء شيبان أن عجز المليشيات عن اختطاف المؤسسات الثقافية وتجييرها لصالحها جعلها عرضة للاستهداف. وقال: «استهداف مؤسسة السعيد جاءت لتستكمل استهداف الثقافة والفن داخل اليمن، مليشيات الحوثي أخفت واختطفت الصحفيين والمثقفين وعندما عجزت عن اختطاف المؤسسات الثقافية قامت باستهدافها».