تفاعلاً مع ما كتبه أحد الإخوة لوجهات نظر بتاريخ 7-3-1437هـ بعنوان أزمة المساكن أين يمكن الحل، مثنياً على ما يبذله وزير الإسكان من جهد لتوفير المساكن للمواطنين ولكن بقدر ما يتوفر له من المال ومن الأراضي ... الخ .. وأود التعليق بهذه المداخلة..
- أي الوزراء الذين تعاقبوا على هذه الوزارة بذل جهده في توفير المساكن للمواطنين.
- الدولة رعاها الله وفرت الأموال في بداية أإنشاء الوزارة لبناء نصف مليون وحدة سكنية فأين هذه الوحدات أو أين هذه المليارات؟.
- البلديات تسابقت في توفير الأراضي وتسليمها للإسكان في كل مدينة ومحافظة، وفي الرس على سبيل المثال تم تسليم الإسكان 20 مليون متر مربع من الأراضي لا تزال خالية إلا من شجر الرمث والحومل.
- الذي يسمع أو يقرأ تصريح معالي الوزير أن أزمة السكن هي أزمة فكر، في إشارة إلى عدم رغبة المواطن في السكن الصغير - شقه أو دور واحد - أقول إن من يسمع مثل هذا التصريح يظن أن معاليه لديه مئات الآلاف من الشقق في كل مدينه ومحافظة مجمدة بسبب عزوف المواطنين عنها.
- الشقق المملوكة للعقاريين ليست في متناول المواطن ، لأن سعر الواحدة منها في حدود مليون ريال وذلك في أطراف بعض المدن كما في جدة.
- زاد الطين بلة في عرقلة تملك المواطن للسكن عن طريق الاقتراض وذلك بإلزامه - أي المواطن- بدفع 30% من قيمة السكن الذي يقترض من البنوك لشرائه ، ومن أين للمواطنين الذين أغلبهم غير موظفين أو حديثي عهد بالوظيفة وبالزواج، أن يكون لدى الواحد منهم حوالي 300 ألف من قيمة القرض العقاري البالغ 900 ألف ريال.
- مما زاد الطين بلة أخرى .. ما ذكره معالي الوزير بأنه لا يرى جدوى من التوسع في البناء على أطراف المدن لاعتبارات تتعلق بالمواصلات والبنية التحتية وصيانة المدينة ومواقع العمل، والوزير بهذا يعول على ما بداخل المدن من الأراضي المملوكة للتجار، وهذا يزيد من تمسكهم بأراضيهم وبإسعارها المرتفعة، لأن أخشى ما يخشاه هؤلاء هو أن تقوم الوزارة بتطوير ما تملكه من الأراضي في أطراف المدن للبناء عليها أو تسليمها للمواطنين، وهذا ما تأكد لملاك الأراضي أنه لن يحدث وإن حدث فعلى نطاق ضيق يناسب عدم التوسع الذي يحبذه معالي الوزير.
- إن هذه الرسوم قليلة فالأرض التي قيمتها على سبيل المثال مليون، فإن الرسوم المستحقة عليها سنوياً لا تزيد على 25 ألف ريال، أي أن باستطاعة مالك الأرض أن يحتفظ بها مدة أربع سنوات ولا يكلفه ذلك من الرسوم سوى 100 ألف ريال تكون خلالها قد تفاقمت مشكلة الإسكان وزادت قيمة مثل هذه الأرض ربما بمقدار الضعف.
- لو فرضنا أن هذه الرسوم دفعت ملاك الأراضي إلى بيعها، فإن ذلك سوف يكون بأسعارها الحالية المرتفعة أو بأسعار تقل بالكثير بنسبة 20 %، أي إن الأرض التي قيمتها حالياً مليون ريال سوف يخفض التجار قيمتها إلى 800 ألف وهي قيمه باهظة لا يقدر عليها إلا أولو العزم من أصحاب الإمكانات المالية الكبيرة، ولا قدرة لغالبية المواطنين على شرائها، إما لأنهم كما أشرت غير موظفين أو حديثي عهد بالوظيفة وبالزواج.
الشاهد أن الرسوم قد تكون جزءاً من الحل، أما الحل العملي الصحيح لهذه الأزمة فيتمثل في شقين:
الشق الأول ويتحقق في أن تقوم الوزارة بمسح شامل لكافة المدن والمحافظات لحصر ما بداخلها من الأحياء القديمة التي يمكن نزع ملكيتها لبناء أبراج سكنية متعددة الأدوار، وكذا حصر ما فيها من مقرات الأسواق الشعبية مثل أسواق الماشية التي تم نقلها إلى خارج المدن، وكذا حصر ما فيها من المقرات الحكومية القديمة التي تم استبدالها بمقرات جديدة، وكذا حصر ما فيها من الأراضي المخصصة لبعض الجهات الحكومية غير المستخدمة حتى الآن، وكذا حصر ما فيها من الحدائق والمتنزهات الواسعة النطاق التي تستأثر بملايين الأمتار المربعة والتي يمكن استقطاع أجزاء منها للإسكان، وكذا حصر ما فيها من المقرات التابعة لبعض المنشآت التجارية مثل مواقع الكسارات والرمل ومواد البناء التي تم نقلها خارج المدن، وكذا حصر الأراضي الحكومية داخل النطاق العمراني التي تكون البلديات والأمانات أخفتها على الإسكان لبعض الأسباب، وكذا حصر ما في المدن والمحافظات من مقرات المشروعات الاستثمارية التي انتهت عقودها أو تم سحبها بسبب تعثر المستثمرين في أي من قطاعات التعليم الخاص والقطاع الصحي الخاص وفي قطاع المراكز والأسواق التجارية وفي قطاع الترفيه والسياحة، وغير ذلك من الأراضي والمقرات والمواقع التي يمكن لوزارة الإسكان الاستحواذ عليها بالتنسيق مع الجهات المعنية لتنفيذ مشروعات سكنية طموحة في كل مدينة ومحافظة بنظام الأبراج متعددة الأدوار.
أما الشق الآخر، فيتحقق بتطوير الأراضي المملوكة للإسكان في أطراف المدن، باعتبار أن البناء في أطراف المدن قادم لا محالة وفي المدى القصير لمواجهة الطلب الكبير جداً على الأراضي والمساكن، على أن تتم عملية التطوير بالتعاون مع الأمانات والبلديات والجهات الأخرى ذات العلاقة بمختلف الخدمات، مع إمكانية أن يتم احتساب جزء من تكاليف الخدمات على المواطنين الذين سوف تسلم لهم المساكن أو الأراضي، وقد كان هذا مألوفاً لدى أصحاب المخططات الخاصة الذين يضيفون التكاليف على قيمة الأرض عند بيعها، علما بأن ما ذكرته مجرد أمثلة مما هو متوفر في محافظة الرس ويفترض أن يكون متوفراً مثله وربما أكثر في غيرها من المدن والمحافظات.
هذه بعض الأفكار الاجتهادية التي تمثل بالنسبة لي نوعاً من الهواية الموصولة بالاهتمام بالمصلحة العامة .. والهواية كما يقول دايم السيف: «تمتلك رجالها».
أرجو أن تجد هذه الأفكار ما تستحقه من اهتمام المسئولين المعنيين بأزمة السكن، باعتبارها إن شاء الله تعالى كفيلة في حلحلة هذه الأزمة ودفع ملاك الأراضي البيضاء داخل المدن إلى الإقدام على بيعها والنزول بأسعارها ربما إلى مستويات قياسية. إلى جانب خفض الإيجارات، وإذا تحقق هذا يكون الوزير قد بذل بالفعل جهده في حلحلة هذه الأزمة، وعند ذلك يحق لنا أن نغرد في كل مواقع التواصل ونقول:
تسلم وزارتنا ويسلم وزيره رجل مثالي بالمكان المثالي،
وإن لم يتحقق ذلك يكون التغريد بالتأكيد بضد ذلك.
- محمد الحزاب الغفيلي